وأنت - رحمك الله - إذا شاهدت ما انطوت عليه كتب القوم من التكرار / (١/٦/أ) والتطويل واشتمال اللفظ الكثير على المعنى القليل وضرب الأمثال بالكلمات الركيكة السوقية عرفت سرّ قوله ﵇: "لقد جئتكم بها بيضاء نقية" إلى غير ذلك كما يوضحه الكشف.
فإن قيل: كيف استجزت النظر إلى هذه الكتب وصحبتها محظورة والأمّة بالنظر فيها غير مأمورة، وقد نهى الصحابي عنها وبحر منقوله عجاج وبنية معقولة مركبة من أعدل مزاج؟
قلنا: المحظور هو النظر فيها على وجه التعظيم والتفخيم وإجراؤها على ظواهرها الموهمة لاسيما للعامي الغر والحدث الغمر، فأما من نظر فيها على المقصد الذي قصدته والنحو الذي أردته وأوردته فهو إن شاء الله من أمهات القربات. فأما نهيه ﵇ الصحابي عن ذلك فلأن الأمر كان في ابتدائه والشرك بعد لم يمت بدائه١، فلعل رسول الله ﷺ رأى أن غير ذلك أولى بالصحابة في ذلك الوقت، ولأن الصحابة - رضوان الله عليهم - هم أعيان الأمّة فلو أكبوا على تلك الكتب المبدلة والصحف المحرفة لا شكّ / (١/٦/ب) أن يتابعهم الناس في ذلك وقد قال ﵇ لأصحابه: "إنكم أئمة يقتدى بكم"٢.