97

وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال مطلقا: (( أبدأ بما بدأ الله به ))، وهذا عام في كل ما بدأ بذكره.

وروي عن ابن عباس أنه قيل له: كيف تأمر بالعمرة قبل الحج والله يقول: {وأتموا الحج والعمرة لله}[ البقرة:196]؟ فقال: كيف تقرأون الدين قبل الوصية، أم الوصية قبل الدين؟ قالوا: الوصية قبل الدين. قال: فبأيهما تبدأون؟ قالوا: بالدين. قال: فهو كذلك(1).

فدل هذا من سؤالهم على أنهم قد عرفوا أن الترتيب يوجبه الواو(2)، وكذلك جواب ابن عباس يدل على ذلك، ألا ترى أنه لو لم يكن عنده حكم الواو كما ذكرنا، لكان الأولى أن يقول لهم: لا وجه لسؤالكم؛ لأن الواو لا تقتضي الترتيب.

وروي أيضا عن ابن عباس أن رجلا قال بين يديه: من يطع الله ورسوله، فقد رشد، ومن يعصهما، فقد غوي، فنهاه عن ذلك، وقال: قل من يعص الله ورسوله، فلولا أن الواو توجب الترتيب لما كان لهذا الكلام معنى، فإذا ثبت ذلك، ثبت ما ذهبنا إليه في الترتيب.

فإن قيل: إن الواو لا تقتضي(3) الترتيب عند أهل اللغة.

قيل له: قد حكي عن قوم من أهل اللغة أنهم قالوا: إنه(4) يوجب الترتيب على أنا لو سلمنا أنه من جهة اللغة لا يوجب الترتيب، كان ما بيناه يوجب الترتيب شرعا والشرع أولى من اللغة، فصح ما ذهبنا إليه، ويدل على ذلك أيضا:

ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه توضأ مرة مرة، ثم قال: (( هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ))، ثم توضأ مرتين مرتين، الخبر..

Halaman 97