136

والجواب الثاني: أن الذي ذكره جرير حكاية فعل، وليس في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسح على الخفين وهو محدث، ثم صلى، فليس لهم فيه حجة.

ويدل على ذلك أيضا أنه قد ثبت عن أمير المؤمنين عليه السلام وابن عباس وعائشة وأبي هريرة، (1)وغيرهم، إنكار المسح على الخفين.

روى أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا هشيم، حدثنا يحيى بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أنها قالت/67/: لأن أحزهما بالسكاكين، أحب إلي من أن أمسح عليهما.

وروى ابن أبي شيبة، عن يحيى بن بكير، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بكر بن حفص، قال: سمعت عروة بن الزبير، عن عائشة قالت: لأن أحزهما أو أحز أصابعي بالسكين، أحب إلي من أن أمسح عليهما.

وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا يونس بن محمد، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا إسماعيل بن سميع، حدثنا أبو رزين، قال: قال لي أبو هريرة: ما أبالي على ظهر خفي مسحت، أو على ظهر حمار.

فإذا ثبت ذلك عنهم وقد كان المسح على الخفين ثبت واستقر فلا بد من أن يكونوا قالوا ما قالوا لعلمهم بأن المسح على الخفين قد نسخ؛ إذ لا مجال للرأي مع تلك الأخبار، فصح ما ذهبنا إليه.

فإن قيل، تقولون: إن عليا أنكره، وقد روي عن شريح بن هاني، قال: أتيت عليا عليه السلام فسألته عن المسح على الخفين؟ فقال: كنا نؤمر إذا كنا سفرا، أن نمسح ثلاثة أيام ولياليها، وإذا كنا مقيمين، فيوما وليلة.

قيل له: إنه عليه السلام عرف حكمه كيف كان قبل أن ينسخ، وهذا لا يدل على أنه لم يكن يرى أنه قد نسخ، ألا ترى أن من ذكر حكم صوم يوم عاشوراء حين كان واجبا، لا يكون دل بذلك على أنه لا يقول بنسخه.

فإن قيل: روي عنه عليه السلام أنه قال: لو كان الدين بالرأي، لكان باطن الخف أولى بالمسح من ظاهره، لكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على ظاهره.

Halaman 136