فكان يلبس في يوم المهرجان الجديد من الخز والوشي والملحم. ثم تفرق كسوة الصيف على ذكرنا.
فإذا كان يوم النيروز، لبس خفيف الثياب ورقيقها، وأمر بكسوة الشتاء كلها ففرقت.
ولا نعلم أن أحدًا بعدهم اقتفى آثارهم إلا عبد الله بن طاهر، فإني سمعت من محمد بن الحسن بن مصعب يذكر أنه كان يفعل ذلك في النيروز والمهرجان، حتى لا يترك في خزائنه ثوبًا واحدًا إلا كساه. وهذا من أحسن ما حكي لنا من فضائله.
لهو الملوك وشربهم
ومن أخلاق الملوك اللهو.
غير أن أسعدهم من جعل للهوه وقتًا واحدًا، وأخذ نفسه بذلك. فإنه إذا فعل ذلك، استطاب اللهو والهزل والمفاكهة. وإذا أدمن ذلك خرج به اللهو من بابه، حتى يجعله جدًا لا هزل فيه، وحقًا لا باطل معه، وخلقًا لا يمكنه الانصراف عنه.
وليس هذا صفة الملك السعيد.
ومن أدمن شيئًا من ملاذ الدنيا، لم يجد له من اللذة وجود القرم النهم المشتاق.
وهذا قد نراه عيانًا. وذلك أن ألذ الطعام وأطيبه ما كان على جوع شديدٍ، وألذ الجماع وأطيبه إذا اشتد الشبق وطالت العزبة، وألذ النوم وأهنأه ما كان بعقب التعب والسهر.