76

Taj Carus

تاج العروس

Penyiasat

جماعة من المختصين

الشواهد على ذَلِك، وَنَقله كَلَام أهل الْفَنّ دون تصرف فِيهِ، وَغير ذَلِك من المحاسن الَّتِي لَا تُحْصَى، وَقد رزقه الله تَعَالَى شُهرة فاق بهَا كلَّ من تقدمه أَو تأخّر عَنهُ، وَلم يَصل شَيْء من المصنَّفات اللُّغَوِيَّة فِي كَثْرَة التداول والاعتماد على مَا فِيهِ مَا وصل إِلَيْهِ الصِّحَاح، وَقد أنْشد الإِمَام أَبُو مَنْصُور الثعالبي لأبي مُحَمَّد إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عَبدُوس النَّيْسَابُورِي: (هذَا كِتَابُ الصَّحَاح سَيِّدُ مَا ... صُنِّفَ قَبْلَ الصّحَاح فِي الأدبِ) (تَشمَلُ أبوابُهُ وتَجْمَعُ مَا ... فُرِّقَ فِي غَيْرِه مِنَ الكُتُبِ) (غير أَنه) أَي الصِّحَاح قد (فاتَه) أَي ذَهب عَنهُ (نِصف اللغةِ) كَذَا فِي نُسْخَة مكّية، وَفِي الناصِرِيّة على مَا قيل ثُلثا اللُّغَة (أَو أَكثر) من ذَلِك، أَي فَهُوَ غير تَامّ، لفَوَات اللُّغَة الْكَثِيرَة فِيهِ. قَالَ شَيخنَا: وصريح هَذَا النَّقْل يدلّ على أَنه جمع اللُّغَة كلهَا وأحاط بأَسرها، وَهَذَا أَمر متعذّر لَا يُمكن لأحد من الْآحَاد إِلَّا الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام. قلت: وَقد تقدم فِي أوّل الْكتاب نصُّ الإِمَام الشافعيّ ﵁ فِيهِ، فَإِذا عرفت ذَلِك ظهر لَك أَن ادِّعاءَ المصنّف حَصْر الْفَوات بِالنِّصْفِ أَو الثُّلثَيْنِ فِي غير محلّه، لِأَن اللُّغَة لَيْسَ يُنال مُنتهاها، فَلَا يُعرَف لَهَا نِصف وَلَا ثُلث، ثمَّ إِن الجوهريّ مَا ادّعى الْإِحَاطَة، وَلَا سَمَّى كِتَابه الْبَحْر وَلَا الْقَامُوس، وَإِنَّمَا الْتزم أَن يُورد فِيهِ الصَّحِيح عِنْده، فَلَا يلْزمه كل الصَّحِيح، وَلَا الصَّحِيح عِنْد غَيره، وَلَا غير الصَّحِيح، وَهُوَ ظَاهر، انْتهى. ثمَّ بيّن وَجه الْفَوات فَقَالَ (إِمَّا بإهمال) أَي ترك (المادّة) وَهِي حُرُوف اللَّفْظ الدالّ على الْمَعْنى، وَالْمرَاد عدم ذكرهَا بالكلّيّة (أَو بترك الْمعَانِي الغَريبة) أَي عَن كثير من الأفهام، لعدم تداولها (النّادّة) أَي الشارِدة النافِرة (أَردْت أَن يَظهر) أَي ينْكَشف (للناظِر) المتأمّل (بَادِيَ) مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة مُضَاف إِلَى (بَدَا) أَي أوّل كل شَيْء قبل الشُّرُوع فِي غَيره (فَضْلُ كِتابي هَذَا عَلَيْهِ) أَي الصِّحَاح

1 / 76