همست مقهقهة: «صه، يمكنها سماع كل شيء عبر الجدران الداخلية ... إنها كاسي. كاساندرا ويلكنز ... كانت تعمل في فرقة رقص مورجان. ولكن ينبغي ألا نسخر منها، إنها لطيفة جدا. إنني معجبة بها للغاية.» أطلقت صيحة ضاحكة. «أنت مجنون يا جيمي.» نهضت ولكمته في عضلة ذراعه. «أنت دائما تجعلني أتصرف كما لو كنت مجنونة.» «بل هذا من صنع القدر بك ... اسمعي، أنا جائع جدا. لقد جئت إلى هنا سيرا على قدمي.» «كم الساعة الآن؟» «لقد تجاوزت الواحدة.» «أوه يا جيمي، ليس لدي إدراك بالوقت ... أتعجبك هذه القبعة؟ ... أوه، نسيت أن أخبرك. لقد ذهبت لرؤية آل هاريسون بالأمس. كان الأمر مريعا حقا ... لو لم أكن قد وصلت إلى الهاتف في الوقت المناسب وهددت بالاتصال بالشرطة ...» «انظري إلى تلك المرأة الطريفة المنظر في الجهة المقابلة. إن وجهها يشبه تماما وجه اللاما.» «بسببها، أضطر إلى إغلاق ستائري طوال الوقت ...» «لم؟» «أوه، أنت صغير جدا على معرفة هذه الأمور. ستصدم يا جيمي.» كانت روث تميل إلى المرآة ممررة أحمر الشفاه فوق شفتيها. «كثير من الأشياء يدهشني، ولا أرى أن الأمر يهم كثيرا ... ولكن هيا، دعينا نخرج من هنا. الشمس مشرقة بالخارج، والناس يخرجون من الكنيسة ويذهبون إلى منازلهم لالتهام الطعام وقراءة صحف يوم الأحد وسط شجر المطاط ...» «أوه يا جيمي، إنك تحدث ضجة ... دقيقة واحدة. انتبه، إنك تجعد أفضل ثوب عندي.»
كانت فتاة ذات شعر أسود قصير وكنزة صفراء تزيل ملاءات السرير وتطويها في الردهة. لم يستطع جيمي لوهلة تمييز الوجه الذي رآه عبر الفتحة في الباب بسبب البودرة الكهرمانية اللون وأحمر الشفاه. «مرحبا يا كاسي، هذا ... معذرة يا آنسة ويلكنز، هذا هو السيد هيرف. أخبريه بالسيدة التي نراها عبر المنور، تعرفين سابو الناسك.»
لثغت كاساندرا ويلكنز في الحديث وعبست. «أليست مريعة يا سيد هيرف ... إنها تقول أكثر الأشياء المريعة.» «إنها تفعل ذلك لمضايقة الناس فحسب.» «أوه يا سيد هيرف، إنني سعيدة للغاية لأني رأيتك أخيرا، لا تفعل روث شيئا سوى الحديث عنك ... أوه، أخشى أن يكون طيشا مني أن قلت ذلك ... إنني حمقاء للغاية.»
انفتح الباب في نهاية الردهة، ووجد جيمي نفسه ينظر إلى الوجه الأبيض لرجل معقوف الأنف يرتفع شعره الأحمر في تلتين غير متساويتين على كلا جانبي جزء رأسه ذي الفرق المستقيم. كان يرتدي برنس حمام أخضر من الساتان ونعلا مغربيا أحمر اللون.
قال متشدقا بلكنة أوكسفوردية دقيقة: «كيف الحال يا كاساندرا؟ ما الأخبار اليوم؟» «لا شيء سوى برقية من السيدة فيتزسيمونز جرين. تريدني أن أذهب لرؤيتها في سكيرديل غدا للحديث عن مسرح جرين ... معذرة، هذا السيد هيرف يا سيد أوجليثورب.» رفع الرجل الأصهب أحد حاجبيه وخفض الآخر ووضع يده مرتخية في يد جيمي. «هيرف، هيرف ... دعني أفكر، لست من عائلة هيرف في جورجيا، أليس كذلك؟ هناك عائلة قديمة باسم هيرف في أتلانتا ...» «كلا، لا أظن ذلك.» «خسارة. كنت أنا وجوسايا هيرف في يوم من الأيام رفيقين مقربين. وهو اليوم رئيس أول بنك وطني ويقود مواطني مدينة سكرانتون في ولاية بنسلفانيا، وأنا ... مجرد محتال.» عندما هز كتفيه سقط عنهما برنس الحمام كاشفا عن صدر أجرد أملس وناعم. «أنا والسيد أوجليثورب سنغني نشيد الإنشاد. سيقرؤه وأمثله أنا بالرقص. يجب أن تأتي يوما ما وترانا ونحن نتدرب.» «سرتك كأس مدورة لا يعوزها شراب ممزوج، بطنك صبرة حنطة مسيجة بالسوسن ...» «أوه، لا تشرع في الغناء الآن.» أطلقت ضحكة مكتومة وضمت ساقيها.
جاء صوت فتاة عميق وهادئ من داخل الغرفة: «أغلق الباب يا جوجو.» «أوه، عزيزتي المسكينة إلين، إنها تريد أن تنام ... سعيد للغاية بمعرفتك يا سيد هيرف.» «جوجو!» «نعم يا عزيزتي ...»
عبر النعاس الثقيل الذي شنج جيمي، أصابه صوت الفتاة بشعور واخز. وقف مقيدا في الردهة الكالحة السواد بجوار كاسي دون أن يتلفظ بكلمة. تتسلل رائحة القهوة والخبز المحمص من مكان ما. ثم أتت روث. «حسنا يا جيمس، أنا جاهزة ... ترى أنسيت شيئا؟» «لا يهمني إذا ما كنت قد نسيت شيئا أم لا، إنني أتضور جوعا.» أمسك جيمي بكتفيها ودفعها برفق ناحية الباب. «إنها الساعة الثانية.» «حسنا وداعا عزيزتي كاسي، سأتصل بك في حوالي الساعة السادسة.» «حسنا يا روثي ... سعيدة للغاية بمعرفتك يا سيد هيرف.» انغلق الباب وسط لثغة كاسي المصحوبة بضحكة مكتومة. «يا إلهي، هذا المكان يجعلني أستشيط غضبا.» «حسنا يا جيمي، لا تتذمر لأنك تريد الطعام.» «ولكن أخبريني يا روث، من يكون السيد أوجليثورب؟ إنه يفوق كل ما رأيته في حياتي.» «أوه، هل خرج المغرم من عرينه؟» قالت روث ذلك مطلقة صيحة ضاحكة. خرجا إلى ضوء الشمس المعكر. «هل أخبرك أنه من الفرع الرئيسي لعائلة أوجليثورب في جورجيا؟» «هل تلك الفتاة الجميلة ذات الشعر النحاسي اللون زوجته؟» «إن شعر إلين أوجليثورب ضارب إلى الحمرة. وهي ليست بهذا الجمال كذلك ... إنها مجرد طفلة وقد أصبحت متكبرة للغاية بالفعل. كل ذلك لأنها حققت بعض النجاح في عرض «أزهار الخوخ» (بيتش بلوسومز). كما تعلم، شيء من تلك النثرات المبهرة التي تثير الجلبة. تمثيلها لا بأس به.» «من المؤسف أنها تزوجت شخصا كهذا.» «لقد فعل أوجلي كل ما يمكن تخيله من أجلها. ولولاه لكانت لا تزال في الجوقة ...» «إنهما كالجميلة والوحش.» «من الأفضل أن تنتبه إذا رمقك بعينيه يا جيمي.» «لم؟» «إنه غريب الأطوار يا جيمي، غريب الأطوار.»
اخترق قطار سكة حديدية مرتفعة القضبان ضوء الشمس فوقهما. كان بإمكانه أن يرى فم روث وهو ينبس بالكلمات.
صاح بصوت يعلو صوت القعقعة المتضائلة: «اسمعي. دعينا نذهب لتناول إفطار متأخر في نادي كامبس ثم نتنزه في طريق باليساديس.» «هل جننت يا جيمي، عن أي إفطار متأخر تتحدث؟» «ستتناولين أنت الإفطار، وسأتناول أنا الغداء.» «سيكون ذلك مضحكا للغاية.» شبكت ذراعها في ذراعه تضحك في صراخ. وأخذت حقيبتها ذات الشبكة الفضية تضرب في مرفقه وهما يسيران. «وماذا عن كاسي ، كاساندرا الغامضة؟» «ينبغي ألا تضحك عليها، إنها رائعة ... لولا اقتناؤها للكلب البودل الأبيض الصغير الكريه ذلك. إنها تحتفظ به في غرفتها ولا يتمرن مطلقا ورائحته بشعة. إنها تسكن تلك الغرفة الصغيرة بجوار غرفتي ... لديها حاليا رفيق دائم ...» قهقهت روث. «إنه أسوأ من الكلب البودل. إنهما مخطوبان، ويأخذ منها جميع مالها. لا تخبر أحدا بالله عليك.» «أنا لا أعرف أحدا لأخبره.» «ثم هناك السيدة ساندرلاند ...» «أوه أجل، لقد لمحتها وهي ذاهبة إلى الحمام، سيدة عجوز ترتدي روبا مبطنا وغطاء رأس للنوم وردي اللون.»
أجفلت روث، قائلة: «لقد صدمتني يا جيمي ... إنها لا تنفك عن إضاعة طقم أسنانها»، خفض مرور قطار سريع صوت بقية كلامها. انغلق باب المطعم خلفهما حاجبا دوي العجلات فوق القضبان.
Halaman tidak diketahui