الطقس رطب وقارس البرودة على متن السفينة ساعة الفجر. عندما تضع يدك على سور السفينة تجده مبللا. كانت رائحة مياه الميناء البنية كرائحة أحواض الغسيل، وكانت تحفحف بلطف ضاربة جوانب الباخرة. يفتح البحارة مخبأ السفينة. تسمع صلصلة سلاسل وجلبة من رافعة محرك البخار حيث يجلس رجل طويل يرتدي رداء عمل سروالي أزرق عند ذراع تحريك، وسط غيمة من الغبار تحيط بوجهه كما لو كان يحيطه بمنشفة مبللة. «هل نحن حقا في الرابع من يوليو يا أمي؟»
أمسكت يد الأم بيده جيدا وسحبته نزولا على الدرج إلى قاعة الطعام. كان المضيفون يكدسون الأمتعة عند أرضية الدرج. «هل نحن حقا في الرابع من يوليو يا أمي؟» «نعم يا عزيزي، للأسف إنه كذلك ... أيام الإجازات هي وقت سيئ للوصول فيه. لا أزال أظن أنهم سيكونون جميعا بالأسفل للقائنا.»
كانت ترتدي رداءها الصوفي الأزرق، وغطاء رأس بنيا طويلا ومجرجرا، والحيوان البني الصغير ذا العينين الحمراوين والأسنان التي هي أسنان حقيقية حول عنقها. تفوح منه رائحة كرات العثة، وتفوح أيضا رائحة خزانات الملابس المنثور بها المناديل الورقية. الجو حار في قاعة الطعام، حيث تصدر المحركات هديرا هادئا خلف حاجز السفينة. يومئ رأسه فوق كوب الحليب الساخن الملون بالكاد بالقهوة. تسمع جلجلة ثلاثة أجراس. يطقطق رأسه لأعلى مجفلا. تطنطن الأطباق وتسكب القهوة مع اهتزاز السفينة. ثم صوت ارتطام وصلصلة سلاسل المرساة ثم هدوء تدريجي. نهضت الأم لتنظر عبر فتحة الإضاءة. «حسنا، سيكون يوما جيدا في النهاية. أظن أن الشمس ستتوهج عبر الضباب ... فكر في الأمر يا عزيزي، سنصل إلى الوطن أخيرا. هنا ولدت يا عزيزي.» «وهذا هو الرابع من يوليو.» «أسوأ حظ ... حسنا يا جيمي، يجب أن تعدني أن تبقى على ممشى السفينة وأن تكون حذرا. فلم تنته أمك من حزم أمتعتها. عدني أنك لن تفعل شيئا سيئا.» «أعدك بذلك.»
مد أصابع قدميه على العتبة النحاسية لباب غرفة التدخين وتمدد على سطح السفينة، ثم استيقظ فاركا ركبته العارية تماما في الوقت الذي يمكنه فيه بالضبط رؤية الشمس تخترق السحب القاتمة وترشرش دفقا أحمر من السطوع على صفحة الماء الأسمنتية اللون. كان لبيللي نمش على أذنيه كهؤلاء الذين يدعمون روزفلت وليس باركر كأمهم، وكان يلوح بعلم حريري في حجم منديل للرجال في زوارق القطر الصفراء والبيضاء.
سأل عن الشمس كما لو كان يملكها، قائلا: «هل رأيت الشمس تشرق؟»
يقول جيمس وهو يبتعد بعد أن ألقى نظرة متراخية على العلم الحريري: «بالتأكيد رأيتها من فتحة الإضاءة.» ثمة أرض قريبة على الجهة الأخرى، أقرب لضفة خضراء ذات أشجار ومنازل بيضاء شاسعة ذات أسطح رمادية.
يسأل الرجل الذي يرتدي التويد وذو الشارب المتدلي: «حسنا يا صغيري، ما شعورك بالرجوع إلى الوطن؟» «هل نيويورك من هنا؟» أشار جيمي فوق الماء الراكد الذي يحد بضوء الشمس. «نعم بالتأكيد يا صغيري، خلف ضفة الضباب هناك تقع مانهاتن.» «رجاء يا سيدي، ما ذلك؟» «تلك هي نيويورك ... كما تعلم فنيويورك تقع على جزيرة مانهاتن.» «هل هي فعلا على جزيرة؟» «حسنا، ما رأيك في ولد لا يعلم أن مدينته تقع على جزيرة؟»
تلمع أسنان الرجل ذي التويد الذهبي عندما يضحك بملء فمه. يتمشى جيمي في أنحاء السفينة، راكلا عقبيه وتعتمل المشاعر في داخله، تقع نيويورك على جزيرة.
تقول السيدة من الجنوب: «تبدو سعيدا بالذهاب إلى الوطن أيها الولد الصغير.» «أوه، أنا كذلك بالفعل، بوسعي النزول وتقبيل الأرض .» «حسنا، ذلك شعور وطني جميل ... أنا سعيدة لسماعك تقول ذلك.»
يثور جيمي ويجول. ويردد في رأسه كالمواء: سأقبل الأرض، سأقبل الأرض. ويدور على سطح السفينة. «ذلك القارب ذو العلم الأصفر هو قارب العزل.» يتحدث رجل بدين يرتدي خواتم في أصابعه - وهو يهودي - إلى الرجل ذي التويد. «حسنا، يستأنف القارب السير ... كان ذلك سريعا، أليس كذلك؟» «سنصل بحلول وقت الإفطار، إفطار أمريكي، إفطار منزلي جيد قديم.»
Halaman tidak diketahui