سحبها من ذراعها. وقال بخشونة ووجه منصرف عنها: «لنسر هنا.»
سارا في تقاطع طرق بين الأبنية. وعند إحدى النواصي، كان النصف الواهن لبيت ريفي ذي ألواح مضادة للمطر لا يزال قائما. كان هناك نصف غرفة على جدارها ورق حائط مرسوم عليه زهور زرقاء، متآكل بفعل آثار دخان مدفأة، تحولت إلى بقع بنية، وخزانة محطمة داخل الجدار، وهيكل سرير حديدي منحن. •••
كانت الأطباق تنزلق بلا نهاية عبر أصابع بود السمينة. وتفوح حوله روائح القمامة ورغوة الصابون. يمسح الأطباق بدورتين بالممسحة الصغيرة، ثم يغمرها بالمياه، ثم يشطفها، ثم يكومها في الرف كي يجففها الفتى اليهودي الطويل الأنف. كانت ركبتاه مبللتين من سكب المياه، وكان الشحم يزحف إلى ساعديه، ويتشنج مرفقاه. «تبا، هذا عمل لا يليق برجل أبيض.»
قال الفتى اليهودي وسط صلصلة الأطباق ودبيب واضطراب الموقد حيث كان ثلاثة طهاة متعرقين يقلون البيض ولحم الخنزير وشرائح الهامبورجر ويحمرون البطاطس ومفروم اللحم المحفوظ: «لا يهمني شيء ما دمت أجد طعامي.»
قال بود ممررا لسانه حول فمه لإزاحة قطعة من اللحم المملح هرسها بلسانه في سقف فمه: «بالطبع آكل جيدا.» يمسح الأطباق بدورتين بالممسحة الصغيرة، ثم يغمرها بالمياه، ثم يشطفها، ثم يكومها في الرف كي يجففها الصبي اليهودي الطويل الأنف. سادت لحظة هدوء. أعطى الفتى اليهودي بود سيجارة. وقفا متكئين على الحوض. «لا توجد طريقة لجني الأموال من غسيل الأطباق.» تمايلت السيجارة بين شفتي الفتى اليهودي البدينة وهو يتكلم.
قال بود: «هذه ليست وظيفة مناسبة لرجل أبيض على الإطلاق. من الأفضل الانتظار؛ فهناك البقشيش.»
دخل رجل يرتدي قبعة دربية عبر الباب المتأرجح من المطعم السريع. كان رجلا كبير الفك وذا عينين كعيني خنزير، وكان يلتصق خارجا من منتصف فمه باستقامة سيجار طويلا. لمحه بود وشعر بوميض بارد يلوي أحشاءه.
همس: «من ذلك؟» «لا أعلم ... أظنه زبونا.» «ألا يبدو لك أنه أشبه بأحد المحققين؟» «كيف لي أن أعرف بحق السماء؟ لم أدخل السجن من قبل.» احمر وجه الفتى اليهودي ومد فكه.
وضع مساعد النادل كومة جديدة من الأطباق المتسخة. يمسح الأطباق بدورتين بالممسحة الصغيرة، ثم يغمرها بالمياه، ثم يشطفها، ثم يكومها في الرف. عندما مر الرجل ذو القبعة الدربية البنية راجعا عبر المطبخ، ثبت بود نظره على يديه السمينتين الحمراوين. حتى وإن كان محققا، فماذا بحق الجحيم ... عندما أنهى بود تنظيف دفعة الأطباق، مشى إلى الباب ماسحا يديه، وأخذ معطفه وقبعته من فوق الشماعة وانسل خارجا من الباب الجانبي مارا بصفائح القمامة وخرج إلى الشارع. من الحماقة إضاعة ساعتين مدفوعتي الأجر. في نافذة محل نظارات، كانت الساعة الثانية وخمسا وعشرين دقيقة. مشى في شارع برودواي، مارا بميدان لينكولن، عبر دوار كولومبوس، ووصل إلى وسط المدينة نحو مركز كل شيء حيث المزيد من الازدحام. •••
استلقت وركبتاها منحنيتان إلى ذقنها، وشدت ثياب نومها بقوة أسفل أصابع قدميها. «تمددي واخلدي إلى النوم يا عزيزتي ... عدي أمك أنك ستنامين.» «ألن يأتي أبي ويقبلني قبلة ما قبل النوم؟» «سيفعل عندما يرجع إلى المنزل؛ فقد رجع إلى المكتب وأنا ذاهبة إلى السيدة سبين جارن للعب الورق.» «متى سيرجع أبي إلى المنزل؟» «قلت لك يا إيلي اخلدي إلى النوم ... سأترك المصباح مضاء.» «لا يا أمي، إنه يصنع ظلالا ... متى سيعود أبي إلى المنزل؟» «عندما يكون مستعدا.» كانت تخفض ضوء مصباح الغاز. تجمعت الظلال من الأركان مكونة أجنحة واندفعت معا. «طابت ليلتك يا إلين.» ضاق شريط الضوء القادم من الباب خلف الأم، ضاق ببطء ليصبح خيطا أعلى القمة وبمحاذاتها. أصدر مقبض الباب نقير غلقه، وتلاشى وقع الخطوات في الردهة، ثم صفع باب المنزل. دقت الساعة في مكان ما في الغرفة التي سادها الصمت، أما خارج الشقة، خارج المنزل، فكانت العجلات ووقع حوافر الخيول المتبخترة، أصواتا متعاقبة في دوي متصاعد. كان الظلام دامسا فيما عدا خيطي الضوء اللذين شكلا حرف
Halaman tidak diketahui