173

Di Bawah Panji Al-Quran

تحت راية القرآن

Penerbit

المكتبة العصرية-صيدا

Lokasi Penerbit

بيروت

باله غفر الله له؟ ونحن نقول له إن "فِقه هذه الرواية" أن سعد بن عبادة كان سيد الأنصار وأجودَهم وصاحبَ رايتهم في المشاهد كلها، وكان غيورًا حتى ورد في الحديث: "إن سعدًا لغيور وإني لأغيرُ من سعد واللهُ أغيرُ منا وغيرة الله أن تؤتى محارمُه " وكان يرمي بهمته بعيدًا، حتى كان من دعائه: "اللهم هَب لي مجدًا. لا مجد إلا بفعال، ولا فعَال إلا بمال، اللهم إنه لا يُصلحني القليل ولا أصلح عليه". فهذه كلها أخلاق الرجل وطباعه، فلما لحق النبي ﷺ بربه طمع في الخلافة لمكانته وسابقته، وكان وقتئذ مريضًا لا يُسمع صوته، حتى إنه لما اجتمعت له الأنصار قال لابنه: لا أقدر لشكواي أن أسمع القوم كلهم ولكن تلقَّ مني قولي فاسمعهُموه، فكان يتكلم ويحفظ الرجل قوله فيرفع صوته فيُسمع أصحابه، فلعل هذا المريض لو كان صحيحًا لصح رأيه ولم تغلبه الفلتة الجاهلية ودخل فيما دخل الناس فيه، وهو إن كان قد غضب بعد أن تولاها أبو بكر فما غضب على المسلمين كافة ولكن على الأنصار بخاصتهم، لأنهم قومه الذين خذلوه. وإذا كان هذا كان الزعم أنه "يمثل المعارضة" زعمًا مضحكًا. ثم يبقى قول أستاذ الجامعة "ولولا أن القوة المادية كانت إذ ذاك إلى قريش " وما ندري من أين جاء بهذا إلا أن يكون سخافة من سخافاته، كأنه خيل إليه أن الأنصار لو كانوا يملكون القوة المادية لذهبوا بالخلافة، فلما ذهبت بها قريش كان ذلك نصًا على أن القوة كانت فيهم. وهذا الأشتاذ والله في حاجة شديدة إلى طبيب يحميه الاستنتاج كما يُحمَى المريضُ الأطعمةَ الغليظة، ونحن نشير عليه أن يرحم نفسه فلا يحمل ذهنه على هذا النوع الدقيق من معاناه الفكر، فإن لم يرحمها فليرحمنا. . . كيف تكون القوة المادية في قريش، وفي خبر اختلاف الأنصار معهم أن الحباب بن المنذر قال: يا معشر الأنصار، ملكوا على أيديكم فإن أبوا عليكم ما سألئموه فأجلوهم عن هذه البلاد، فأنتم والله أحق بهذا الأمر منهم، فإنه بأسيافكم دان لهذا الدين مَن دان. أفيكون هذا كلام الأنصار ومنطق أسيافهم ومبلغ عزيمتهم ثم تكون القوة المادية إلى قريش ولا تذعن الأنصار إلا خوفًا ورهبًا من هذه القوة لا رغبة ولا إسلامًا ولا إيمانًا ولا إرادةَ وجه الله ولا تأثرًا بعاطفة؛ ثم ما معنى "القوة المادية "، أكانت وزارة الحربية في قريش، أم كانت في أيديهم مصانع الذخيرة. . . أم كان سلاحهم السيوف والرماح، وسلاح الأنصار العصي والنبابيت. . .؟

1 / 177