وهتف صوت: صوت دبابات! - وطائرات!
هل جاءت نجدة حقا؟
ارتفعت روحي المتهافتة، اشتد إطلاق النار، دارت الدبابات من حولنا وهي تقذف بقنابلها. ثم دوت انفجارات قنابل الطائرات، تراخت القبضة الخانقة لرقابنا. تحولنا من الدفاع المتقهقر إلى الهجوم، اقتحمنا البيضا ونحن نتساقط من الإعياء، علمت باستشهاد أحد زميلي بنقطة الإنذار فوق الجبل الأسود. تذكرت أحاديثنا منذ ساعات عند مشارف قرية غراز. قال إنه رأى وجوها تشبه بعض أفراد أسرته بدرجة مذهلة، اقتنع بأنه ينحدر من أصل يمني. وقال لي: لا تدهش إذا قررت - بعد الحرب - الإقامة في اليمن إلى الأبد! (5)
الأديب
طارت بنا الطائرة إلى تعز، ودون توقع أحد منا وجدنا أنفسنا في جنة؛ تهادت بنا السيارة من المطار إلى القصر الجمهوري في جنة. - ماذا ترون أيها الإخوة؟ - سويسرا .. لبنان .. حلم الخيال.
الحقول خضراء، المراعي خضراء، الطرقات مجللة بالأشجار، الحدائق أكثر من البيوت عدا، سلسلة من الجبال كالأنغام المتموجة مكسوة بالزمرد مزركشة بالأزهار، الجو لطيف يريق السحر معبقا بشذا الورود والثمار. وصاح صائح مشيرا إلى القمة: يا له من فندق سياحي!
إنه يلوح كوكر نسر فوق قمة جبل وسيط بين التموجات الجبلية! غير أن الدليل قال مصححا بهدوء: بيت الرهائن، وهو اليوم خال.
وضحكنا ونحن نتأمله في أسى، واخترت شاعرا من بين الزملاء وهمست له: ألا تعذرني إن طلبت الإقامة في تعز؟
فأجاب بشيء من الامتعاض: دلني على ملهى واحد.
ولما آنس مني دهشة استطرد: دفء الجمال الحقيقي إنما ينبعث من المرأة.
Halaman tidak diketahui