إن كنت كاذبة التي حدثتني ... فنجوت منجا الحارث بن هشام
ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ... ونجا برأس طمرة ولجام
فهاذ ما وقع من الاستطراد في الهجاء.
وأما ما جاء منه في المدح والهجاء معًا فقول بكر بن النطاح طويل:
عرضت عليها ما أرادت من المنى ... لترضى فقالت قم فجئني بكوكب
فقلت لها هذا التعنت كله ... كمن يتشهى لحم عنقاء مغرب
سلي كل شيء يستقيم طلابه ... ولا تذهبى يا بدر بي كل مذهب
فأقسم لو أصبحت في عز مالك ... وقدرته أعيا بما رمت مطلبي
فتى شقيت أمواله بنواله ... كما شقيت بكر بأرماح تغلب
وهذا أبدع استطراد سمعته في عمري، فإنه قد جمع أحسن قسم وأبدع تخلص، وأرشق استطراد، وتضمن مدح الممدوح بالكرم، وقبيلته بالشجاعة والظفر، وهجاء أعدائهم بالضعف والخور، وهذا لم يتفق لمن قبله ولا لمن بعده إلى وقتنا هذا.
ومن ظريف الاستطراد وغريبه قول بعضهم وأتى بالاستطراد في المجون وهو غريب جدًا خفيف:
اكشفي وجهك الذي أوحلتني ... فيه من قبل كشفه عيناك
1 / 131