تتعلق بالالتزامات فأجاب بما حواه هذا الكتاب من المقدمة إلى الخاتمة ولكي يظهر هذا التأليف جليًا في أتم صورة وأحسنها، وحتى نتعرف على مدى عناية السلف بعلم الفقه لا في عصر النهضة العلمية بل في العصور التي لا تبعد عنا كثيرًا، وهي من عصور التقهقر العلمي لا في ربوعنا خاصة (١) بل في ربوع العالم الإسلامي قاطبة.
وكذلك نتعرف عن كتب أن هذه العناية لم تكن مقصورة على الجمع والاغارة على الغير كما هو موجود عند بعض العلماء.
لكن الأمر هنا على العكس من ذلك تمامًا بل هي عناية فيها إبراز للشخصية بمالا ينكر لأنه في وضعه هذا المؤلف الرائع أتى بطريقة لم يتبع فيها أحدًا، ويصح أن ننعتها بأنها طريقة خاصة به لأنها ذات خصائص غير موجودة ولا متوفرة في غيرها يمكن لي أن صح التعبير أن نسميها طريقة لتقريب المسالك الفقهية أي الطريقة التقريبية للفقه على الباحث من جهة، والمتخصص من جهة أخرى حتى لا يتيه في صحراء كأنها لا نهاية لها لكثرة تشعب المسائل، وصعوبة استخراجها من الأمهات، لذا كان من المفيد جدًا العمل على نشر هذا الكتاب بعد إعطائه حقه بحثًا وتحقيقًا حتى يتضح لذوي البصائر محاولة هذا الفقيه الفريدة من نوعها، وما أبدأه له تفكيره المتطور المتحرر المتفتح في استخراج مسائل الالتزام من كتب الأمهات، وما أكثرها عدًا، وضم الشوارد لبعضها وما أكثرها متناثرة هنا وهناك حتى تكون سهلة لمتناولها ينهل منهما متى شاء وحيث شاء لا تصده مشقة، ولا يحول بينه وبين ما يريد تشتت مسائل مبعثرة، وبذلك ينتفع الدارسون ويجد الباحثون من طلبة العلم ورواد المعرفة بغيتهم في يسر وسهولة. والله ولي التوفيق.
_________
(١) كان القرن العاشر الهجري بالنسبة لليبيا عصر ظلمات سياسيًا وعلمها لإستيلاء الأسبان على البلاد سنة ٩١٦ هـ وللتقهقر العام فالصورة قاتمة مهزوزة دون شك.
1 / 53