تحرير الفتاوى على «التنبيه» و«المنهاج» و«الحاوي»
المسمى
النكت على المختصرات الثلاث
تأليف
الإمام الحافظ الفقيه الأصولي ولي الدين أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي الكردي المهراني القاهري الشافعي - رحمه الله تعالى - (٧٦٢ هـ - ٨٢٦ هـ)
تحقيق
عبد الرحمن فهمي محمد الزّواوي
[المجلد الأول]
1 / 1
دَارُ المِنْهَاجِ
لبنان - بيروت - فاكس: ٧٨٦٢٣٠
الطَبعَة الأولَى
١٤٣٢ هـ - ٢٠١١ م
جميع الحقوق محفوظة للناشر
دَارُ المِنْهَاجِ لِلنَّشْرِ وَالتَّوْزِيع
لِصَاحِبهَا عُمَرْ سَالِمْ بَاجْخَيفْ وَفَّقَهُ الله تَعَالى
المملكة العربية السعودية - جدة
حي الكندرة - شارع أبها تقاطع شارع ابن زيدون
هاتف رئيسي: ٦٣٢٦٦٦٦ - الإدارة: ٦٣٠٠٦٥٥
المكتبة: ٦٣٢٢٤٧١ - فاكس: ٦٣٢٠٣٩٢
ص. ب: ٢٢٩٤٣ - جدة: ٢١٤١٦
لا يسمح بإعادة نشر هذا الكتاب أو أي جزء منه، وبأيِّ شكل من الأشكال، أو نسخه، أو حفظه في أي نظام إلكتروني أو ميكانيكي يمكن من استرجاع الكتاب أو أي جزء منه، وكذلك لا يسمح بالاقتباس منه أو ترجمته إلى أي لغة أخرى دون الحصول على إذن خطي مسبقًا من الناشر
www.alminhaj.com
E-Mail: [email protected]
1 / 2
تَحْرِيرُ الفَتَاوِي عَلى «التَّنبيهِ» وَ«المِنْهَاجِ» وَ«الحَاِوي»
[١]
1 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 4
﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
بقلم
الدكتور محمد عبد الرحمن شميلة الأهدل
جامعة الطائف
الحمد لله رب العالمين، حمدًا لا انقطاع له على الدوام، حمدًا يوافي نعمه، ويدافع نقمه، ويكافئ مزيده، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، من رفع أهل الذكر إلى المحل الأسمى، وصيَّرهم مرجع الأمة إذا ادلهمت سحب المشكلات، وأمر بسؤالهم إذا جَدَّت معضلة من المعضلات، فقال جل وعلا: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.
وحض سبحانه على الرحلة من أجل التفقه في الدين، فقال جل وعزَّ: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾.
والصلاة والسلام على البشير النذير، السراج المنير، محمد بن عبد الله، خاتم رسل الله، وصاحب الحوض المورود، والمقام المحمود، والشفاعة والجود، الذي جعل التفقه في الدين من إرادة الله لصاحبه الخير؛ فقال: "من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين" (١)، وعلى آله الأطهار، وصحابته أسد الغابة الأبرار، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين".
أما بعد:
فإن من أجلِّ الطاعات، وأشرف القربات: الاشتغال بعلم الفقه؛ تعلمًا وتعليمًا، وتفهمًا وتفهيمًا، فمن أخذ به .. فقد أخذ بحظ وافر؛ لأنه زبدة المصدَرَين النيرين، وخلاصة أفكار الأئمة المجتهدين، وطريق السلف الصالح في كل عصر ومصر، ويرحم الله ابن الوردي إذ قال (٢): (من الرمل)
اُطْلُب العلمَ ولا تكسَلْ فما ... أَبعدَ الخيرَ على أهل الكَسَل
واحتفِل للفقه في الدين ولا ... تشتغِل عنهُ بمال وخَوَلْ
لا تقُلْ قد ذهَبتْ أربابُهُ ... كل من سارَ على الدرب وَصل
ولقد قيض الله تعالى لحفظ الشريعة الغراء أعلامًا موهوبين، وأفذاذًا مخبتين موفقين، وعلماء مخلصين، فأقام بهم معالم الدين، وأنفقوا أعمارهم في سبيل تشييد قواعده، وتثبيت دعائمه.
_________
(١) صحيح البخاري (٧١)، وصحيح مسلم (١٠٣٧) عن سيدنا معاوية ﵁.
(٢) شرح لامية ابن الوردي (ص ٣٤).
1 / 7
أعملوا أفكارهم في كتاب ربهم، واستناروا بسنة نبيهم ﷺ، وفهم سلفهم الأئمة الأجلاء.
وعكفوا على الاستنباط والغوص على المقاصد الشرعية، وصاروا من الراسخين في العلم، والسابقين إلى الفهم، فحينئذ نصبوا أنفسهم لهداية الخلق إلى الحق، ودونوا الكتب النافعة، والتصانيف البارعة، حوت من نفائس العلوم أعلاها، ومن دقائق المسائل أجلها، وعكفوا على هذه التصانيف لتحقيقها، والتأكد من سلامة محتواها.
وهكذا سارت قافلة الفقه على هذه الوتيرة، فإن الأوائل المصنفين خلفهم جهابذة شرحوا المعمى، وفصلوا المجمل، ووضحوا المشكل، وخدموا الفقه خدمة ما وراءها مرمى، حتى آض مكينًا، متين البنيان، مشيد الأركان، يغدو ويروح في حلل التحقيق والتدقيق.
(ب)
ولقد كان لفقه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى النصيب الأوفر، والحظ الأكبر من عناية العلماء به، وضبطه واستجلاء معارفه، ونصب قبابه، حتى صار المذهب منقحًا محررًا، مضبوطًا بقواعده وأصوله، وجادت أقلام أصحابه بآلاف المصنفات، ومئاتٍ من التحريرات والتعقبات، والاستدراكات والترجيحات، ومن هذه التحريرات هذا الكتاب المبارك، الموسوم بـ "تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي" (١) تأليف الإمام أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي (ت ٨٢٦ هـ).
والمقصود بتحرير الفتاوي: تخليصها على وجه محمود، وتنقيحها وإصلاح ما خامرها من سقط، وهذا مستمد من المعنى اللغوي في قولهم: (تحرير الكتاب)، والمقصود: تقويمه وتخليصه، بإقامة حروفه، وتحسينه بإصلاح سقطه، والتحرير أيضًا: بيان المعنى بالكتابة (٢).
والفتاوي: جمع فتوى، وعلم الفتاوى: (هو علم تروى فيه الأحكام الصادرة عن الفقهاء في الواقعات الجزئية؛ ليسهل الأمر على القاصرين من بعدهم) (٣).
أما الفتوى ذاتها .. (فهي الحكم الشرعي الذي يبينه الفقيه لمن سأله عنه) (٤).
_________
(١) وقد قامت الدكتورة الموفقة هدى أبو بكر سالم باجبير بتحقيق جزء الطهارة إلي آخر كتاب الجنائز، وقدمت للكتاب بمقدمة ضافية، ضمنتها نفائس مهمة، وفوائد جمة، وتراجم لأعلام وأئمة، فشكر الله لها هذا الصنيع، حيث قدمت هذا العمل أطروحة دكتوراه في جامعة أم القرى. وكتابها مطبوع بدار المنهاج.
(٢) تاج العروس (١٠/ ٥٨٨)، لسان العرب (٤/ ١٨١) مادة (حرر).
(٣) أبجد العلوم (ص ٤٥٤).
(٤) معجم الفقهاء (ص ٣٣٩).
1 / 8
وبناء على هذا: فمعنى قوله: "تحرير الفتاوي أنه يُعنَى بذكر القول الراجح، الذي يلزم الفتيا به في المذهب، لقوة دليله، ووضوح تعليله، إضافة إلى عنايته بتبيين وتقويم وإصلاح ما أبهم في عبارات الكتب الثلاثة، والتعليق على ما يحتاج إلى تعليق منها، والتنبيه إلى دقائق العبارات، والغوص على لطيف الإشارات، وغير ذلك مما يظهر ملكة هذا الإمام الفقهية، والتمكن من قواعده، والتعريف بالراجح من الأقوال إذا احتدم الخلاف، وغير ذلك من الفوائد العزيزة، التي قيدتها يراعة هذا الإمام.
(ج)
أما الكتب الثلاثة التي عينها .. فأولها: "التنبيه"، وهو كتاب ألفه الإمام أبو إسحاق إبراهيم بن علي الشيرازي الفيروزآبادي المولود سنة (٣٩٣ هـ)، والمتوفى سنة (٤٧٦ هـ)، وهو إمام الشافعية في عصره بلا منازع، قال فيه الإمام النووي رحمه الله تعالى: (هو الإمام المحقق، المتقن المدقق، ذو الفنون من العلوم المتكاثرات، والتصانيف النافعة المستجادات، الزاهد العابد الورع ...) إلى آخر التحلية المذهبة (١).
ولكتاب "التنبيه" أهميته الخاصة، ومميزاته الفريدة، فهو أحد الكتب الخمسة المعتمدة المتداولة في المذهب، كما ذكر النووي رحمه الله تعالى (٢).
وهذا الإمام النووي رحمه الله تعالى على جلالة قدره، وعلو كعبه، وحسن مصنفاته، يقول في "التنبيه": (هو من الكتب المشهورات النافعات المباركات، فينبغي لمريد نصح المسترشدين، وهداية الطالبين: أن يعتني بتقريبه وتحريره وتهذيبه) إلى أن قال: (فإذا علم ما ذكرته .. حصل منه أن مذهب الشافعي ﵁ العمل بما تضمنه "التنبيه" مع هذه الكراسة - يعني تصحيحه) (٣).
وقد اهتم الشافعية بهذا الكتاب اهتمامًا كبيرًا، وأولوه عناية فائقة؛ فمن بين شارح ومختصر ومصحح، ومخرج لأحاديثه، ومبين لغريبه، وكأن الإمام أبا زرعة العراقي استجاب لطلب الإمام النووي حين دعا علماء الشافعية إلى العناية بتحريره وتهذيبه.
أما الكتاب الثاني .. فهو "المنهاج" وإذا أطلق .. فالمراد به "منهاج" الإمام الرباني، والعلامة
_________
(١) تهذيب الأسماء واللغات (٢/ ٣٧٠).
(٢) الكتب الخمسة هي: "التنبيه"، و"مختصر المزني"، و"المهذب"، و"الوسيط"، و"الوجيز". انظر "تهذيب الأسماء واللغات" (١/ ٥٢)، وبمشيئة الله تعالى سوف تطبع قريبًا دار المنهاج "الوجيز" طبعة محققة مضبوطة.
(٣) تصحيح التنبيه للنووي (١/ ٦١ - ٦٣).
1 / 9
المحقق يحيى بن شرف شيخ الإسلام محيي الدين أبي زكريا النووي نسبة إلى نوى من قرى دمشق، المولود سنة (٦٣١ هـ)، والمتوفى سنة (٦٧٦ هـ)، ذي المؤلفات الجليلة في علوم الدين، ومن احتل المرتبة السامية في قلوب المسلمين، وهو من العلماء الراسخين المحررين للمذهب، البارعين في التصنيف.
وكتابه "المنهاج" أشهر من نار على علم، فقد احتل منزلة عظيمة عند الشافعية، فأكبوا عليه حفظًا وفهمًا، وشرحًا وتحشيةً ونظمًا، وتفانوا في خدمته، والثناء عليه.
قال العلامة ابن العطار رحمه الله تعالى: (وقال لي العلامة جمال الدين بن مالك: "والله لو استقبلت من أمري ما استدبرت لحفظته"، وأثنى على حسن اختصاره، وعذوبة ألفاظه) (١).
وقال الإمام السيوطي رحمه الله تعالى وصدق: (وهو الآن عمدة الطالبين والمدرسين والمفتين) (٢).
وقال الإمام السخاوي رحمه الله تعالى: (إن من وفور جلالته وجلالة مؤلفه انتساب جماعة ممن حفظه إليه، فيقال له: المنهاجي، وهذه خصوصية لا أعلمها الآن لغيره من الكتب) (٣).
وأما الكتاب الثالث .. فهو: "الحاوي الصغير" تأليف الشيخ الإمام نجم الدين عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني، المولود سنة (٥٨٥ هـ) تقريبًا، والمتوفى سنة (٦٦٥ هـ).
قال الإمام السبكي رحمه الله تعالى عنه: (له اليد الطولى في الفقه والحساب وحسن الاختصار) (٤).
وكتابه "الحاوي" من الكتب المعتبرة في المذهب، ولا سيما وهو قد اختصره من كتاب الإمام الرافعي المسمي "فتح العزيز"، ووصفه صاحب "كشف الظنون" بقوله: (وجيز اللفظ، بسيط المعاني، محرر المقاصد، مهذب المباني، حسن التأليف والترتيب، جيد التفصيل والتبويب؛ ولذلك عكفوا عليه بالشرح والنظم) (٥).
وهذا العلامة ابن المقري رحمه الله تعالى يمدحه قائلًا: (لم يكن في المذهب مصنف أوجز ولا أعجز من "الحاوي" فإنه كتاب لا ينكر فضله، ولا يختلف اثنان في أنه ما صنف قبله مثله، ولقد أبدع الشيخ في تصنيفه وترصيعه) (٦).
_________
(١) تحفة الطالبين (ص ١٢).
(٢) المنهاج السوي (١/ ٦٥).
(٣) حياة الإمام النووي (ص ٢٩).
(٤) طبقات الشافعية (٨/ ٢٧٧).
(٥) كشف الظنون (١/ ٦٢٥).
(٦) مقدمة إخلاص الناوي (١/ ٢٧).
1 / 10
(د)
فهذه هي الكتب الثلاثة، وها هي قيمتها العلمية عند الشافعية، فإذا عرفت أن هذه الكتب الثلاثة هي عين أعيان المصنفات، وإنسان عيون المؤلفات .. أدركت أن الكتاب الذي يقوم بتحريرها وتقويمها وتتميمها لهو كتاب من الأهمية بمكان، وعلى طالب العلم أن يتلقفه فرحًا مستبشرًا، فإن هذا المصنّف يجعل المفتي والمستفتي، والمدرس والطالب في اطمئنان وركون إلى ما يقيد من نفائس الاستدراكات.
وكل الشافعية بمختلف طبقاتهم محتاجون إلى هذا الكتاب؛ لمعرفة الصحيح الراجح، وتمييز مقابله، ومعرفة مرتبته، وهذا مسلك أولي التحقيق والتدقيق.
(هـ)
وها هي دار المنهاج تقوم بنشر هذا السفر النفيس لأول مرة، بعد أن كان مطمورًا في زوايا الدهاليز، يتلألأ حُسنًا وجمالًا في ثوبه الجذاب القشيب، وها هي طلعة محياه تبهج الخاطر، وتسعد الناظر، ولا سيما وهو محلى بتلك التخريجات المفيدة، والإفادات النفيسة، التي ما تفتأ دار المنهاج تتحف بها قرّاءها الكرام، وتوجت الدار هذه الأعمال بالإشارات الفنية، والطباعة المضبوطة، والشكل الفني، والإخراج الممتاز؛ خدمة للعلم، وتقريبًا للمعارف، وتيسيرًا للوصول إلى مطالب هذا الكتاب الرائع.
فشكر الله تعالى لصاحب الدار الشيخ أبي سعيد عمر بن سالم باجخيف، الذي سخر جميع إمكانياته المادية والفكرية لإخراج هذه الكنوز من معادنها، وإبراز هذا التراث بهذا الشكل المرضي.
نفع الله تعالى به المسلمين أينما حلوا، وبارك في هذه الدار وصاحبها، وجزاه خير ما يجزي الصالحين. آمين.
والحمد ربّ العالين
1 / 11
تمهيد
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله .. فلا مضل له، ومن يضلل .. فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾، ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.
أما بعد:
فإن الاشتغال بعلوم الدين من أهم الفضائل والأعمال التي يقوم بها الإنسان؛ ولذا تواترت النصوص والأخبار في الحث على طلبها وتعلمها وتعليمها، ومن ذلك علم الفقه.
قال ابن الجوزي: (أعظم دليل على فضيلة الشيء النظر إلى ثمرته، ومن تأمل ثمرة الفقه .. علم أنه أفضل العلوم؛ فإن أرباب المذاهب فاقوا بالفقه على الخلائق أبدًا وإن كان في زمن أحدهم من هو أعلم منه بالقرآن أو بالحديث أو باللغة).
ولما أدرك سلف هذه الأمة ما للفقه في الدين من الفضل عند الله تعالي .. اشتغلوا به تعلمًا وتعليمًا وتأليفًا.
ولا شك في أن تراثنا الفقهي تراث عظيم، وما طُبع منه يدل على ذلك، وبعض هذا التراث يتميز بخصائص معينة تزيد من هذه الأهمية؛ فبعض كتب الفقه في تراثنا تعد علامة بارزة في تاريخ التصنيف الفقهي؛ إما لأنها حلقة وسيطة في تاريخ التصنيف، ونقلة بين ما قبلها وما بعدها من كتب الفقه، وإما لروعة التصنيف ودقة التحليل والتعليل، أو لغير ذلك من خصائص التميز، ولا يزال هذا التراث بحاجة إلى مزيد من الجهود الجادة لاستخراج بقيَّة من درره المخطوطة، التي لا زالت حبيسة مكتبات العالم.
وتحقيق المخطوط وإبرازه هو من نشر العلم الذي هو من أفضل الأعمال؛ ولذلك وقع اختياري على كتاب "تحرير الفتاوي على التنبيه والمنهاج والحاوي" للحافظ الإمام الفقيه الأصولي المفنن أبي زرعة أحمد بن الحافظ الكبير أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين، المعروف بابن العراقي.
قال الحافظ ابن حجر: (تلقى الطلبة هذا الكتاب بالقبول ونسخوه وقرؤوه عليه).
1 / 12
وسبب تحقيقي لهذا الكتاب:
أولًا: عِظَم شأن مؤلفه، وسيتبين ذلك من خلال الترجمة المفصلة له فيما سيأتي.
ثانيًا: قوة مادة الكتاب؛ فقد جمع ولي الدين العراقي فيه بين ثلاثة مختصرات تعد العمدة في الفقه الشافعي، وهي:
"التنبيه في فروع الشافعية" لأبي إسحاق، إبراهيم بن علي الشيرازي، المتوفى سنة (٤٧٦ هـ). "الحاوي الصغير" للإمام نجم الدين، عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني، المتوفى سنة (٦٦٥ هـ).
"منهاج الطالبين" للإمام محيي الدين، أبي زكريا، يحيى بن شرف النووي، المتوفى سنة (٦٧٦ هـ).
ولم يقتصر أبو زرعة في كتابه على عبارات الكتب الثلاثة، وإنما أضاف إليها فوائد وزيادات وتعليقات من بعض المصنفات البارزة في الفقه الشافعي منها:
- "نكت النبيه على أحكام التنبيه" لأحمد بن عمر النشائي، المتوفى سنة (٧٥٨ هـ).
- "السراج على نكت المنهاج" لشهاب الدين، أحمد بن لؤلؤ بن عبد الله بن النقيب، المتوفى سنة (٧٦٩ هـ).
- "توشيح التصحيح" لتاج الدين، عبد الوهاب بن علي السبكي، المتوفى سنة (٧٧١ هـ).
-"تصحيح الحاوي" لسراج الدين، عمر بن علي بن أحمد بن الملقن، المتوفى سنة (٨٠٤ هـ).
- "تصحيح المنهاج" لسراج الدين، عمر بن رسلان البلقيني، المتوفى سنة (٨٠٥ هـ).
وغير ذلك الكثير مما سيتضح للقارئ في الكتاب.
ومما سبق تتبين أهمية الكتاب ومدى الحاجة الداعية إلى تحقيقه، والوقوف على محتواه الفقهي الزاخر بالفوائد الجمة المختلفة، فالحمد لله الذي أعانني على تحقيق هذا الكتاب وإخراجه إلى النور.
وبما أن الكتاب يدور حول الكتب الثلاثة "التنبيه" و"المنهاج" و"الحاوي" .. قدمت بين يدي الكتاب بمقدمة بينت فيها ما يلي:
- ترجمة الإمام الشيرازي، وبيان عناية العلماء بكتاب "التنبيه".
- ترجمة الإمام القزويني، وبيان عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير".
- ترجمة الإمام النووي، وبيان عناية العلماء بكتاب "منهاج الطالبين".
- ترجمة المؤلف ولي الدين العراقي.
1 / 13
- التعريف بكتاب "تحرير الفتاوي" ويشتمل على:
١ - توثيق نسبة الكتاب للمؤلف.
ب- منهج المؤلف في "تحرير الفتاوي".
ج- مصطلحات الكتاب.
- التعريف بنسخ الكتاب المخطوطة.
- منهج تحقيق الكتاب.
* * *
1 / 14
ترجمة الإمام المجتهد المناظر، شيخ الشافعيّة إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباذيّ الشّافعيّ أبو إسحاق الشيرازي
صاحب "التنبيه" رَحِمَهُ الله تعَالى (٣٩٩ - ٤٧٦ هـ)
اسمه ونسبه
هو الشيخ الإمام، القدوة المجتهد، شيخ الإسلام، أبو إسحاق، إبراهيم بن علي بن يوسف بن عبد الله الشيرازي الفِيرُوزاباذي.
مولده ونشأته
ولد سنة ثلاث وتسعين وثلاث مئة بـ (فِيروزاباذ) بُليدة بفارس، ونشأ بها.
طلبه للعلم وشيوخه
ارتحل الشيرازي إلى شيراز، وهناك قرأ على أبي عبد الله البيضاوي، وابن رامين صاحبي الداركي، ثم دخل البصرة، وقرأ الفقه بها على الخرزي، ثم ارتحل إلى بغداد، وفيها قرأ على القاضي أبي الطيب، وقرأ الأصول على أبي حاتم القزويني، وسمع الحديث من أبي بكر الباقلاني، وأبي علي بن شاذان، وغيرهم.
قال ابن النجار: قرأ الفقه بشيراز على أبي القاسم الداركي، وعلى أبي الطيب صاحب الماسرجسي، وعلى الزجاج صاحب ابن القاص، وقرأ الكلام على أبي حاتم القزويني صاحب ابن الباقلاني، وخطه في غاية الرداءة.
تلاميذه ومناصبه
حدَّث عنه: الخطيب، وأبو الوليد الباجي، والحميدي، وإسماعيل بن السمرقندي، وأبو البدر الكرخي، والزاهد يوسف بن أيوب، وأبو نصر أحمد بن محمد الطوسي، وأبو الحسن بن عبد السلام، وأحمد بن نصر بن حمان الهمذاني.
1 / 15
قال السمعاني: لما خرج أبو إسحاق إلى نيسابور .. خرج معه جماعة من تلامذته كأبي بكر الشاشي، وأبي عبد الله الطبري، وأبي معاذ الأندلسي، والقاضي علي الميانجي، وقاضي البصرة ابن فتيان، وأبي الحسن الآمدي، وأبي القاسم الزنجاني، وأبي علي الفارقي، وأبي العباس بن الرُّطَبي.
ودرس الشيخ في مسجد بباب المراتب إلى أن بنى له الوزير نظام الملك المدرسة، فانتقل إليها، وهو أول مدرس بها سنة (٤٥٩ هـ)، وكانت الطلبة ترتحل إليه من الشرق والغرب، وقال الشيخ أبو إسحاق ﵀: (لما خرجت في رسالة الخليفة إلى خراسان .. لم أدخل بلدًا ولا قرية إلا وجدت قاضيها وخطيبها أو مفتيها من تلاميذي).
مكانته وثناء العلماء عليه
قال السمعاني: هو إمام الشافعية، ومدرس النظامية، وشيخ العصر، رحل الناس إليه من البلاد وقصدوه، وتفرد بالعلم الوافر مع السيرة الجميلة، والطريقة المرضية، صنف في الأصول والفروع، والخلاف والمذهب، وكان زاهدًا ورعًا، متواضعًا ظريفًا، كريمًا جوادًا، طلق الوجه، دائم البِشر، مليح المحاورة.
وقال شجاع الذهلي: إمام أصحاب الشافعي، والمقدم عليهم في وقته ببغداد، كان ثقة ورعًا، صالحًا عالمًا بالخلاف علمًا لا يشاركه فيه أحد.
وقال محمد بن عبد الملك الهمذاني: حكى أبي قال: حضرت مع قاضي القضاة أبي الحسن الماوردي عزاء، فتكلم الشيخ أبو إسحاق واجلًا، فلما خرجنا .. قال الماوردي: ما رأيت كأبي إسحاق، لو رآه الشافعي .. لتجمل به.
مصنفاته
" المهذب"، "التنبيه"، "اللمع في أصول الفقه وشرحها"، "النكت في الخلاف"، "المعونة في الجدل"، "طبقات الفقهاء".
وفاته
توفي ليلة الحادي والعشرين من جمادى الآخرة، سنة ست وسبعين وأربع مئة ببغداد، وأُحضر إلى دار أمير المؤمنين المقتدي بالله، فصلى عليه صاحبه أبو عبد الله الطبري، ودفن بمقبرة باب أبرز.
1 / 16
عناية العلماء بكتاب "التنبيه"
يُعد كتاب "التنبيه" أحد الكتب الخمسة المعتمدة في المذهب الشافعي، وقد بيّن النووي مكانة "التنبيه" في مقدمة "تصحيحه" عليه فقال: ("التنبيه" من الكتب المشهورات النافعات المباركات، فينبغي لمريد نصح المسترشدين، وهداية الطالبين أن يعتني بتقريبه وتحريره وتهذيبه).
وخير شاهد على مكانة الكتاب عناية العلماء به؛ فتناولوه بالشرح والاختصار والتصحيح، وعنوا ببيان غريب ألفاظه، حتى بلغت هذه المؤلفات ما يزيد على المئة ما بين شرح واختصار، ونظم وتعليق، وتصحيح وتنكيت.
ولبعضهم في مدحه: (من الكامل)
يا كوكبًا ملأ البصائر نوره ... من ذا رأى لك في الأنام شبيهًا
كانت خواطرنا نيامًا برهة ... فرزقن من تنبيهه تنبيهًا
وله شروح كثيرة منها:
شرح صائن الدين، عبد العزيز بن عبد الكريم الجيلي المعروف "بالمعيد".
وشرح أبي طاهر الكرخي الشافعي، وهو كبير في أربع مجلدات.
وشرح الإمام أبي الحسن، محمد بن مبارك، المعروف بابن الخل الشافعي، المتوفى سنة (٥٥٢ هـ) وهو مجلد سماه "توجيه التنبيه"، وهو أول من تكلم على "التنبيه"، وليس في شرحه تصوير المسألة، لكنه عللها بعبارة مختصرة.
وشرح الإمام أبي العباس، أحمد بن الإمام موسى ابن يونس الموصلي، المتوفى سنة (٦٢٢ هـ).
وشرح الإمام تاج الدين، عبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بالفركاح الشافعي، المتوفى سنة (٦٩٠ هـ).
وشرح ولده برهان الدين، إبراهيم بن الفركاح، المتوفى سنة (٧٢٩ هـ).
وشرح شمس الدين، محمد بن عبد الرحمن الحضرمي، المتوفى سنة (٦١٣ هـ)، سماه "الإكمال لما وقع في التنبيه من الإشكال والإجمال".
وشرح موفق الدين، حمزة بن يوسف الحموي الشافعي، المتوفى سنة (٦٧٠ هـ)، أجاب فيه عن الإشكالات الواردة عليه، وسماه "المبهت".
وشرح الشيخ نجم الدين، محمد بن عقيل البالسي، المتوفى سنة (٧٢٩ هـ).
وشرح الإمام علم الدين، عبد الكريم بن علي العراقي الشافعي، المتوفى سنة (٧٠٤ هـ).
1 / 17
وشرح شمس الدين، محمد بن أبي منصور المعروف بابن السبتي، فرغ من تأليفه سنة (٧٠٦ هـ).
وشرح شهاب الدين، أحمد بن العامري اليمني الشافعي، المتوفى سنة (٧٢١ هـ).
وشرح كمال الدين، أحمد بن عيسى بن رضوان العسقلاني، المعروف بابن القليوبي، المتوفى سنة (٦٨٩ هـ).
وشرح الشيخ علي بن أبي الحزم القرشي، المعروف بابن النفيس المتطبب الشافعي، المتوفى سنة (٦٨٧ هـ).
وشرح علاء الدين، علي بن عبد الكافي السبكي، المتوفى سنة (٧٤٧ هـ).
وشرح جلال الدين، أحمد بن عبد الرحمن الكندي، المتوفى سنة (٦٧٧ هـ).
وشرح الدزماري، المتوفى سنة (٦٤٣ هـ) وهو في مجلد سماه "رفع التمويه عن مشكل التنبيه".
وشرح الحافظ زكي الدين، عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشافعي، المتوفى سنة (٦٥٦ هـ).
وشرح الإمام محيي الدين، يحيى بن شرف بن مري بن الحسن النووي الشافعي، المتوفى سنة (٦٧٦ هـ) وهو شرح غريب سماه "التحرير".
وشرح الشيخ مجد الدين، أبي بكر بن إسماعيل بن عبد العزيز السنكلومي الشافعي، المتوفى سنة (٧٤٠ هـ) وهو شرح كبير حسن، لخصه من الرافعي وابن الرفعة، وسماه "تحفة النبيه في شرح التنبيه".
"وشرح القاضي جمال الدين، محمد بن عبد الله الرَّيمي اليمني الشافعي، المتوفى سنة (٧٩١ هـ).
وشرح ضياء الدين، محمد بن إبراهيم المناوي، المتوفى سنة (٧٤٦ هـ).
وشرح قطب الدين، محمد بن عبد الصمد بن عبد القادر السنباطي، المتوفى سنة (٧٢٢ هـ) وله شرح آخر ليس بتام، ونكت أيضًا.
وشرح بدر الدين، محمد بهادر بن عبد الله الزركشي، المتوفى سنة (٧٩٤ هـ).
وشرح نجم الدين، محمد بن علي البالسي الشافعي المتوفى سنة (٨٠٤ هـ).
وشرح شرف الدين، عبد الله بن محمد الفهري التلمساني المتوفى سنة (٦٤٤ هـ).
وشرح نجم الدين، أحمد بن محمد بن علي، المعروف بابن الرفعة الشافعي، المتوفى سنة (٧١٦ هـ) سماه "كفاية النبيه".
1 / 18
وشرح أحمد بن عيسى العسقلاني سماه "الإشراق في شرح تنبيه أبي إسحاق".
وشرح الإمام محب الدين، أحمد بن عبد الله الطبري المكي، المتوفى سنة (٦٩٤ هـ) وله نكت على "التنبيه" كبرى، وصغرى، وله "مختصر التنبيه"، سماه "مسلك النبيه في تلخيص التنبيه" هو كبير، وله مختصر آخر وهو صغير، سماه "تحرير التنبيه لكل طالب نبيه".
وشرح تقي الدين، أبي بكر بن محمد الحصني الشافعي، المتوفى سنة (٨٢٩ هـ).
وشرح الإمام أبي حفص، عمر بن علي بن الملقن الشافعي، المتوفى سنة (٨٠٤ هـ) وهو كبير، سماه "الكفاية"، وله "أمنية النبيه فيما يرد على التصحيح والتنبيه"، وله شرح آخر سماه "غنية الفقيه"، وشرح آخر سماه "هادي النبيه" في مجلد، واختصره في جزء للحفظ سماه "إرشاد النبيه إلى تصحيح التنبيه".
و"تصحيح التنبيه" لجمال الدين، محمد بن الحسين الإسنوي الشافعي، المتوفى سنة (٧٧٧ هـ) سماه "تذكرة النبيه".
وشرح القاضي تقي الدين، أبي بكر بن أحمد، المعروف بابن قاضي شهبة الشافعي الدمشقي، المتوفى سنة (٨٥١ هـ) وله نكت على "التنبيه" أيضًا.
وشرح الإمام العلامة موفق الدين، علي بن أبي بكر الأزرق اليمني، المتوفى سنة (٨٠٩ هـ)، سماه "التحقيق الوافي بالإيضاح الشافي"، شرح التنبيه.
وشرح قطب الدين، محمد بن محمد الخيضري الشافعي، المتوفى سنة (٨٩٤ هـ) سماه "مجمع العشاق على توضح تنبيه الشيخ أبي إسحاق".
وشرح الشيخ جلال الدين، عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، المتوفى سنة (٩١١ هـ). وعلى "التنبيه" تعليقة لبرهان الدين الفزاري سماها "الإقليد".
و"للتنبيه" مختصرات منها:
مختصر تاج الدين، عبد الرحيم بن محمد الموصلي، المتوفى سنة (٦٧١ هـ) سماه "النبيه في اختصار التنبيه"، وله "التنويه في فضل التنبيه".
ومختصر الشيخ جلال الدين، محمد بن أحمد المحلي الشافعي، المتوفى سنة (٨٦٤ هـ).
ومختصر أبي الفرج، مفضل بن مسعود التنوخي سماه "اللباب".
ومختصر شرف الدين، أبي القاسم هبة الله بن عبد الرحيم البارزي الحموي الشافعي، المتوفى سنة (٧٣٨ هـ).
و"للتنبيه" منظومات منها:
نظم أبي عبد الله، محمد بن عبد الله الشيباني اليمني، المتوفى سنة (٦٧٥ هـ).
1 / 19
ونظم جعفر بن أحمد السراج، المتوفى سنة (٥٠٠ هـ).
ونظم سعيد الدين، عبد العزيز بن أحمد الديري، المتوفى سنة (٦٩٧ هـ).
ونظم ضياء الدين، علي بن سليم الأذرعي، المتوفى سنة (٧٣٠ هـ) في ستة عشر ألف بيت.
ونظم الشيخ الإمام حسين بن عبد العزيز بن الحسين السباعي، خطيب حمص.
ونظم الشهاب أحمد بن سيف الدين بيلبك الظاهري، المتوفى سنة (٧٥٣ هـ) سماه "الروض النزيه في نظم التنبيه".
وعلى "التنبيه" نكات منها:
نكت كمال الدين، أحمد بن عمر بن أحمد النشائي القاهري، المتوفى سنة (٧٥٧ هـ).
ونكت ابن أبي الصيف اليمني، المتوفى سنة (٦٠٩ هـ).
رحم الله الإمام الشيرازي، ونفع المسلمين به وبعلومه .. آمين
1 / 20
ترجمة الإمام الفقيه البارع، شيخ الشّافعيّة عبد الغفّار بن عبد الكريم بن عبد الغفّار الشافعيّ نجم الدّين القزوينيّ صاحب "الحاوي الصغير" رَحِمَهُ الله تعَالى (... -٦٦٥ هـ)
اسمه ونسبه
هو الإمام نجم الدين، عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار القزويني الشافعي.
مولده
لم أقف فيما بحثت عنه في كتب التراجم على تاريخ مولده ولا مكان ولادته، وذكرت كتب التراجم أنه مات وقد قارب الثمانين، وأنه توفي سنة (٦٦٥ هـ) فيمكن تقدير مولده سنة (٥٨٥ هـ).
شيوخه
- الشيخة عفيفة بنت أحمد بن عبد الله الأصبهانية الفارفانية (ت ٦٠٦ هـ).
- الإمام عبد الكريم بن محمد بن عبد الكريم بن الفضل القزويني، أبو القاسم الرافعي، صاحب الشرح الكبير (ت ٦٢٣ هـ).
تلاميذه
- عز الدين، أحمد بن إبراهيم بن عمر الفرج الواسطي الفاروثي (ت ٦٩٤ هـ).
- ولده الشيخ جلال الدين، محمد بن عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الغفار القزويني (ت ٧٠٩ هـ).
- صدر الدين، إبراهيم بن محمد بن المؤيد بن حَقُوَيه الجويني (ت ٧٢٢ هـ).
- سعد الدين بيله الجيلي.
مصنفاته
" الحاوي الصغير"، "اللباب"، "العجاب شرح اللباب"، "جامع المختصرات ومختصر الجوامع"، وكتاب في الحساب.
1 / 21
ثناء العلماء عليه
قال الذهبي: العلامة الأوحد ... كان أحد الأئمة الأعلام.
وقال اليافعي: الفقيه الإمام، العلامة البارع المجيد، الذي ألين له الفقه كما ألين لداوود الحديد ... أحد الأئمة الأعلام، وفقهاء الإسلام.
وقال السبكي: الشيخ الإمام نجم الدين ... كان أحد الأئمة الأعلام، له اليد الطولى في الفقه والحساب، وحسن الاختصار ... وكان من الصالحين.
وقال ابن الملقن: العلامة شيخ الشافعية، نجم الدين، كان من كبار علماء قزوين.
وقال ابن العماد: العلامة المجيد ... أحد الأئمة الأعلام، وفقهاء الإسلام.
وفاته
توفي ﵀ في شهر المحرم سنة خمس وستين وست مئة من الهجرة.
عناية العلماء بكتاب "الحاوي الصغير"
يعد "الحاوي الصغير" في الفروع للشيخ نجم الدين، عبد الغفار بن عبد الكريم القزويني الشافعي من الكتب المعتبرة بين الشافعية، وقيل: إنه اختصار لكتاب "فتح العزيز شرح الوجيز" للرافعي، وممن ذهب إلى هذا القول الذهبي واليافعي وابن حجر، وقيل: إن أصل كتاب "الحاوي" هو كتاب "اللباب" للمصنف نجم الدين عبد الغفار القزويني، وممن ذهب إلى هذا القول زكريا الأنصاري، وهو كتاب وجيز اللفظ، بسيط المعاني، محرر المقاصد، مهذب المباني، حسن التأليف والترتيب، جيد التفصيل والتبويب؛ ولذلك عكفوا عليه بالشرح والنظم، فمن شروحه:
شرح قطب الدين، أحمد بن الحسن بن أحمد الغالي الشافعي، المتوفى سنة (٧٧٩ هـ) وسماه "توضيح الحاوي"، وعليه حاشية للشيخ بدر الدين، حسن بن عمر بن حبيب الحلبي الشافعي، المتوفى سنة (٧٧٩ هـ) وسماها "التوشيح"، أورد فيها زوائد مفيدة من إظهار الفتاوي، وكشف بعض أسرار "الحاوي".
ومنها شرح أبي عبد الله، محمد بن سبط المصنف، سماه "الحاوي" أيضًا.
وشرح الإمام أبي عبد الله، محمد الناشري اليمني الشافعي، المتوفى سنة (٨٧٤ هـ) وسماه "إيضاح الفتاوي في النكت المتعلقة بالحاوي".
1 / 22