Tahqiq Wusul
كتاب تحقيق الوصول إلى شرح الفصول
Genre-genre
32
[aphorism]
قال أبقراط: إن في أكثر الحالات أي الأوقات جميع من حاله المراد بذلك الحالة الوسطى بين المرض والصحة والدليل على ذلك قوله رديء لأن الحالة الصحية حالة جيدة والحالة المرضية إذا كان صاحبها ينال من الطعام فهي جيدة أيضا وإلى ذلك أشار بقوله ويحظى من الطعام في أول الأمر ولا يتزيد بدنه شيئا به لعدم صلاحية المنهضم عنه للتغذية بمخالطته للمواد الفاسدة أو لغير ذلك فإنه بأخره يؤول أمره إلى أن لا يحظى من الطعام وذلك لأنه يجتمع في بدنه على طول الأيام فضل ينتقل بها ويكون سببا لسقوط شهوته. وأشار إلى عكس هذا الحكم فقوله فأما من يمتنع عليه في أول أمره النيل من الطعام امتناعا شديدا لامتلاء بدنه من مادة رديئة فلا يكون له شهوة للغذاء ثم يحظى منه بآخره لأن الطبيعة إذا عدمت الوارد من الغذاء أقبلت على تلك المادة فتصلح منها ما يقبل الصلاح ويغذي البدن به ويقوى على الباقي فتدفعه فحاله يكون أجود لقوة الشهوة PageVW0P043B على الهضم وزيادة البدن بما ينهضم. تنبيه اعلم أنه قد يظن من الإمام على أن الشهوة المذكورة للطعام ممن حاله رديئة مذمومة * لأنها (51) تكون أيضا من المرضى مذمومة فدفع هذا الظن بفصل يدل على ذلك ضمنه أيضا ما يدل على صحة القوة النفسانية.
33
[aphorism]
قال أبقراط: صحة الذهن وهو عند الأطباء مجموع القوى الثلاثة التي يعترفون بها أعني الخيالية والفكرية * والذكرية (52) فصحتها في كل مرض علامة جيدة في حد ذاتها، دل على صحة الدماغ وما ينشأ منه والقوة النفسانية ولا تنافي جودتها كون هناك علامة رديئة تقتضي الموت كما في المسهول والمسلول. وأما الحكم على المريض بالصحة أو بالعطب فإنما يكون بعد النظر في العلامات الجيدة والرديئة وتغليب جانب ما يقتضيه أحدهما لقوته وكثرته وكذلك الهشاشة للطعام وهي أن يقبل المريض عليه من غير نفرة ، علامة جيدة لدلاتها على صحة الكبد وآلاته وقوته. وضد ذلك علامة رديئة لضد ما تقدم. تنبيهان: الأول إنما نص على الدلالة المأخوذة من الأعضاء الشريفة لأنها أوثق وأفضل وهي تتفاوت في الأفضلية فإن صحة PageVW0P044A الذهن في الأمراض الدماغية أفضل منه في الأمراض الكبدية والهشاشة في الكبدية أفضل منها في الأمراض الدماغية. التنبيه الثاني: إنما ترك الدلالة على القوة الحيوانية لاحتمال عدم اعتقاده لها كم هو عند جميع الفلاسفة وقال ابن القف إنما تركها لأن صحة القوتين المذكورتين يلزمها صحة القوة الحيوانية وحينئذ تكون الهشاشة وصحة الذهن مناسبا والمناسب أولى ولو كان خارجا عن المجرى الطبيعي ويؤيد هذا ما نذكر الآن.
34
[aphorism]
قال أبقراط: إذا كان المرض ملائما أي مناسبا لطبيعة المريض المراد بالطبيعة هنا المزاج، وسنه وقد تقدم معنى الأسنان عند الكلام على قول الإمام أحمل الناس للصوم المشايخ و معنى قوله سحنته هيأته ولونه والوقت الحاضر من أوقات السنة وهي الفصول الأربعة والمعنى أنه إذا كان المرض مناسبا للمزاج الأصلي والسن والسحنة والوقت الحاضر من أوقات السنة في الحرارة والبرودة مثلا فخطره الخطر الأشراف على الهلاك أقل من خطر المرض إذا كان ليس بملائم لواحدة من هذه الخصال المذكورة وذلك لأن الأول أعني المناسب PageVW0P044B يكون سببه ضعيفا لأن المستعد للشيء يكفيه أضعف أسبابه والثاني لا يحدث إلا عن سبب قوي لاحتياجه إلى إبطال المزاج الأصلي ونقله إلى الضد. وبهذا قال جالينوس وابن أبي صادق وابن القف وقال بعضهم أن المناسب أشد خطرا من غير المناسب لأن الأشياء المناسبة للأمراض وتهيجها وتقويها والأشياء المضادة تضعفها وتوهنها والقرشي حاول الجمع بين المذهبين وفرض ذلك فقال لو فرضنا مرضين حارين بقدر واحد عرض أحدهما لحار المزاج والأخر لبارده فإنه في الحار أشد خطر أو أشد احتياجا إلى شدة لتطفئه وحمل كلام القائل بأن المناسب أشد خطرا على هذا وأيضا إذا عرض لحار المزاج وبارده مرضان حاران بلغا فيهما في الخروج عن الإعتدال الحقيقي إلى حد واحد فالذي في الحار أخف وأقل خطرا وأقل حاجة إلى التبريد لأن خروجه عن المزاج الطبيعي أقل وسببه أضعف. وحمل كلام جالينوس ومن تابعه على هذا انتهى. ومناسبة الفصل الذي يذكر الآن لما قبله من حيث أن كلامهما يشتمل على حكم مناسب لمرض.
35
Halaman tidak diketahui