ثم إن كون الواحد منهم صحابيًا يعرف تارة بالتواتر، وتارة بالإستفاضة القاصرة عن التواتر. وتارة بأن يروي عن آحاد الصحابة أنه صحابي. وتارة بقوله وأخباره عن نفسه بعد ثبوت عدالته أنه صحابي.
وقال الآمدي في الأحكام:
لو قال من عاصر النبي ﷺ أنا صحابي مع إسلامه وعدالته فالظاهر صدقه، ويحتمل أن لا يصدق في ذلك لكونه متهمًا بدعوى رتبة يثبتها لنفسه. كما لو قال: أنا عدل أو شهد لنفسه –بحق-١.
قلت: وقد بنى بعض المصنفين هذا على أن مجرد الرؤية أو الصحبة اليسيرة، هل يثبت فيها مسمى الصحابي أم لا؟ فإن قلنا يكون بذلك صحابيًا فذلك مما يتعذر فيه إثبات بالنقل دائمًا إذ ربما لا يحضره حالة اجتماعه بالنبي ﷺ أحد أو حال رؤيته إياه، أو حضر ذلك واحدًا أو اثنان ولم ينقلا ذلك. فلو لم يثبت ذلك بقوله لتعذر إثباته. بخلاف ما إذا ادعى طول الصحبة وكثرة التردد في السفر والحضر، فإن مثل ذلك يشاهده أقوام كثيرون فينقل ويشتهر فلا يثبت بقوله٢.
ونظير هذا النوع، المودع والوكيل إذا ادعيا الهلاك بسبب ظاهر، فإنه لا يقبل قولهما إلا ببينة لإمكان ذلك٣. بخلاف ما إذا ادعيا مطلق الهلاك. أو أسنداه إلى سبب خفي فإنه يقبل قولهما فيه من غير بينة. ثم
_________
١ الزيادة من أحكام الأحكام ٢/٩٣.
٢ انظر فتح المغيث ٣/٩٨.
٣ أي لإمكان إثبات البينة في الهلاك.
1 / 51