84

Tahqiq Amal

تحقيق الآمال فيما ينفع الميت من الأعمال

Genre-genre

Balas

وأما المؤمن المثبت، المستقيم على الإيمان والطاعة في حياته، فإنهما يبشرانه، ويوسع له في قبره، ويملأ عليه نورا ونعيما، وتحيط به أعماله الصالحة من الصلاة والصدقة والصيام وقراءة القرآن وذكر الله تعالى فيدفعن عنه ما يقصده من المخاوف والمهالك.

وقد قال عليه الصلاة والسلام: ((القبر إما روضة من رياض الجنة، وإما حفرة من حفر النار))، وقال عليه الصلاة والسلام: ما رأيت منظرا إلا والقبر أفضع منه)).

وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا حضر القبر يبكي حتى تبتل لحيته، فقيل له: إنك تذكر الجنة والنار فلا تبكي هذا البكاء، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((القبر أول منزل من منازل الآخرة، فإن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه)).

ويقال: إن أكثر عذاب القبر من ثلاثة أشياء: الغيبة، والنميمة، وقلة التحفظ من البول، وفي الحديث: ((عامة عذاب القبر من البول)). وحديث الرجلين اللذين سمعهما صلى الله عليه وآله وسلم يعذبان في قبريهما وأمر بجريدة من النخل، فجعلت على قبريهما، وقال: ((لعله يخفف عنهما ما دامتا رطبتين، وأنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستبرئ من البول)) الحديث. وهو حديث صحيح مشهور.

وكان صلى الله عليه وآله وسلم يكثر الاستعاذة من عذاب القبر، ويأمر بها في الدعاء الذي بعد التشهد من كل صلاة، وفي أذكار المساء والصباح، فعذاب القبر حق ونعيمه كذلك.

ومما ينفع الله به الميت في قبره ويدفع به عنه: الدعاء له، والاستغفار، والتصدق عنه، وقد وردت في ذلك الأخبار والآثار الكثيرة، وتقدم كثير منها.

ويروى أن هدايا الأحياء للأموات، من الصدقات والدعاء وقراءة القرآن تأتيهم بها الملائكة في أطباق من نور، مخمرة بمناديل من سندس، وتقول لأحدهم: هذه الهدية بعث بها إليك فلان، فيسره ذلك ويفرح به.

Halaman 84