Tahkim Cuqul
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
Genre-genre
مسألة في الشفاعة
نقول: إن الشفاعة ثابتة لرسول الله - صلى الله عليه وعلى آله - يوم الحشر ولكن يشفع للمؤمنين فيكون له رتبة ويزيد درجة المؤمن ، فأما المستحق للنار فلا شفاعة له، والدليل عليه قوله تعالى: ?ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع?[غافر:18]، وقوله تعالى: ?وما للظالمين من أنصار?[آل عمران:192]، ولو كانت الشفاعة لهم لكانت أعظم نصرة، وقال تعالى حاكيا عن الملائكة الذين هم حملة العرش: ?يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك?[غافر:7]، فسألوا المغفرة للتائبين.
ويقال له: أيشفع النبي - صلى الله عليه وآله - لمن يواليه ويحبه أو لمن يعاديه ويبغضه؟.
فإن قال بالأول ترك مذهبه، وإن قال بالثاني أضاف إليه ما لا يليق به، وكيف سأل الخير لمن يبغضه ويعاديه ويلعنه.
ويقال لهم: أيشفع لمن يستحق النار أو لمن لا يستحق؟.
فإن قالوا بالأول فكأنه يقول: يا رب اجعل أعداءك أولياءك، وأهل نارك أهل جنتك، ومن أخبرت أنك تعذبهم لا تعذبهم، وبدل حكمتك وافعل خلاف ما قلت وهذا لا يجوز، وإن قال بالثاني ترك مذهبه؛ لأن عنده لا تصح الشفاعة لمن لا يستحق النار.
ويقال له: أيشفع لهم قبل دخول النار أو بعد الدخول؟.
فإن قال: قبل الدخول.
قلنا: فوجب أن لا يدخل أحدا من أمته النار، وإن قال: بعد الدخول.
قلنا: فإذا عذب قدر ما استحقه فما معنى الشفاعة عنده، ولا يجوز أن يبقوا في النار ساعة فلا حاجة بهم إلى الشفاعة.
Halaman 186