قلنا: المذموم ما ضموا إليه من ترك العمل؛ لأنه كالمتناقض أن يشفق على غيره
ولا يشفق على نفسه، وقيل: لأنهم لم يأمروا بالبر لحسنه؛ إذ لو أمروا به لحسنه لبدؤوا بأنفسهم فذمهم؛ لأنهم لم يأتوا بالأمر على وجهه أفلا تعقلون يعني أفلا تفقهون أن ما تفعلونه قبيح في العقول، وقيل: أفلا تعلمون أن ذلك متناقض، وقيل: أفلا تعقلون أن ذلك لا يرضاه الله عنكم، بل يعاقبكم عليه، عن أبي علي. وقيل: معناه أن هذا ليس بفعل من يعقل، عن أبي مسلم، وقيل: أفلا تعقلون أنه يلزمكم فيما علمتم ما يلزمهم فيما علموه، عن الأصم، وقيل: أفلا تعقلون أنه الحق فتصدقونه وتتبعونه، يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - .
* * *
(الأحكام)
الآية تدل على وجوب البر والأمر به لا أنه منع من الأمر؛ لأن تقديره: إذا نصحت غيرك لينجو من العذاب، فأنت إلى نصح نفسك أقرب، فيجب أن تتمسك بالطاعة التي بها فوزك.
وتدل على توبيخ علماء السوء حيث نصحوا غيرهم، ولا يعملون لأنفسهم.
ويقال: إذا أخل بالطاعة هل يصح منه الأمر بها؟
قلنا: لا، بل يلزمه ذلك كما يلزمه في نفسه أن يطيع، فإخلاله بأحد الأمرين لا يمنع كونه مؤديا للآخر، وروي عن الحسن - رحمه الله -: لو لم يأمر بشيء حتى يفعل لضاع الأمر.
ويدل قوله: وأنتم تتلون الكتاب) أن الحجة على من يتلو الكتاب أعظم إذا خالفه، وعقوبته أشد، ويجب عليه أن يتمسك به.
قوله تعالى: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين (45) (اللغة)
Halaman 361