فالرأس لم يدخل في المأكول لأنه من جنسها، ولو قلت: سرت من البصرة إلى مكة، فالمعنى أن مكة قد دخلتها في مسيرك، ولو قلت من المسجد إلى البيت (¬1) ، أمكن أنك لم تنظر إلى داخل البيت (¬2) ،
فافهم ذلك النظم (¬3) .
... من قبل هذا جر قبل ... واضمم ... لغاية كذاك بعد ... وافهم
قبل وبعد يجران بحرف الجر إذا لم يكونا غاية، أي (¬4) لم يتم الكلام بهما، نحو: ما ذكرت لي هذا الأمر من قبل وقوعه ولا من بعد وقوعه، جررتهما بحرف من.
بيان: وإن جاء أحدهما غاية، أى تم الكلام بأحدهما، لم يعمل فيه حرف الجر، وضم آخره، نحو: ما ذكرت لي هذا من قبل، ولا ذكرت لي هذا من بعد، بضم قبل وبعد. لأنهما كانا غاية، أي تم الكلام بهما. فافهم ذلك.
بيان: في الإضافة (¬5) :
¬__________
(¬1) في (ب): من المسجد إلى الموضع إلى البيت.
(¬2) حتى: حرف يأتي لأحد ثلاثة معان: انتهاء الغاية، وهو الغالب، والتعليل، وبمعنى إلا في الاستثناء، وهذا أقلها. وقل من يذكره. وتستعمل على ثلاثة أوجه: =
=1-أن تكون حرفا جارا. ومنه قولهم:
عينت ليلة؛ فما زلت حتى ... ... نصفها راجيا؛ فعدت يؤوسا
2-أن تكون عاطفة. ومنه قولهم: =
=قهرناكم حتى الكماة فأنتم ... ... تهابوننا حتى بنينا الأصاغرا
3-أن تكون حرف ابتداء. كقول جرير:
فما زالت القتلى تمج دماءها ... ... بدجلة حتى ماء دجلة أشكل
انظر: مغني اللبيب، مرجع سابق، 1/ 141- 148.
(¬3) في (ب): فاعرف ذلك فافهم ذلك النظم.
(¬4) سقطت «أي» من الأصل. ... ...
(¬5) الإضافة: هي ضم اسم إلى اسم، ويسمى الأول: المضاف، والثاني: المضاف إليه. ويصيران بالإضافة كالاسم الواحد، ولهذا لم ينون الأول منهما كما لا يدخل التنوين في حشو الكلمة.
فإذا أضيف اسما إلى اسم، أعربت الأول بما يستحقه من رفع أو نصب أو جر. وجررت الثاني على كل حال.
والإضافة نوعان:
1- ... إضافة معنوية: أن تجمع في الاسم مع الإضافة اللفظية إضافة معنوية، وذلك بأن يكون ثم حرف إضافة مقدر يوصل معنى ما قبله إلى ما بعده، وهذه الإضافة هي التي تفيد التعريف والتخصيص، ويسمى «المحضة» أي الخالصة بكون المعنى فيها موافقا للفظ، وإذا أضفته إلى معرفة تعرف، وإذا أضفته إلى نكرة اكتسب تخصيصا، وهي تكون على معنى أحد حرفين من حروف الجر، وهما: اللام ومن. فإذا كانت الإضافة بمعنى اللام أفادت الملك والاختصاص، كقولك: مال زيد وأرضه، أي مال له وأرض له، أي يملكها، وأبوه وابنه أي أب له وابن له. وإذا كانت الإضافة بمعنى من أفادت بيان النوع، كقولك: ثوب خز زخاتم حديد، أي ثوب من خز وخاتم من= =حديد، ويفرق بين هذين النوعين، أن النوع الثاني المضاف إليه فيه كالجنس للمضاف يصدق عليه اسمه، فالثوب من الخز خر، وليس غلام زيد بزيد.
2- ... إضافة لفظية: وهي أن تضيف اسما إلى اسم لفظا، والمعنى على غير ذلك، ويقال لها غير محضة، وذلك ضربان:د
أ ... اسم الفاعل: إذا أضفته وأنت تريد التنوين، كقولك: هذا ضارب زيد غدا، إذا أردت الاستقبال، وكذلك الحال، وأصله التنوين والنصب لما بعده، نحو: هذا ضارب زيدا.
ب ... الصفة الجاري: إعرابها ما قبلها، وهي في المعنى لما أضيفت، نحو: مررت برجل حسن الوجه ومعمور الدار، فالأصل: حسن وجهه ومعمورة داره.
ومما لا بد من ذكره أنك لا تضيف إلا نكرة، لأن الإضافة يبتغي بها التعريف أو التخصيص، لأن المضاف يكتسي من المضاف إليه تعريفه إن كان معرفة، وتخصيصا إن كان نكرة.
Halaman 55