Penyucian Akhlak dan Ketulenannya
تهذيب الأخلاق وتطهير الأعراق
Penyiasat
ابن الخطيب
Penerbit
مكتبة الثقافة الدينية
Nombor Edisi
الأولى
مع حسن الحال في الدنيا وطيب العيش وجميل الأحدوثة وقلة الأعداء وكثرة المداح والراغبين في مودته من الفضلاء خاصة. فإذا تجاوز هذه الرتبة وبلغ أيامه إلى أن يفهم أغراض الناس وعواقب الأمور فهم أن الغرض الأخير من هذه الأشياء التي يقصدها الناس ويحرصون عليها من الثروة وإقتناء الضياع والعبيد والخيل والفرش وأشباه ذلك إنما هو لنر فيه البدن وحفظ صحته. وأن يبقى على إعتداله مدة ما. وأن لا يقع في الأعراض ولا تفجأه المنية. وأن يهنأ بنعمة الله عليه ويستعد لدار البقاء والحياة السرمدية. وأن اللذات كلها في الحقيقة هي خلاص من آلام وراحات من تعب. فإذا عرف ذلك وتحققه ثم تعوده بالسيرة الدائمة وعود الرياضات التي تحرك الحرارة الغريزية وتحفظ الصحة وتنفي الكسل وتطرد البلادة وتبعث النشاط وتذكي النفس. فمن كان ممولا مترفا كانت هذه الأشياء التي رسمتها أصعب عليه لكثرة من يحتف به ويغويه ولموافقة طبيعة الإنسان في أول ما تنشأ هذه اللذات وإجماع جمهور الناس على نيل ما أمكنهم منها وطلب ما تعذر عليهم بغاية جهدهم. فأما الفقراء فالأمر عليهم أسهل بل هم قريبون إلى الفضائل قادرون عليها متمكنون من نيلها والإصابة منها. وحال المتوسطين من الناس متوسطة بين هاتين الحالتين. وقد كان ملوك الفرس الفضلاء لا يربون أولادهم بين حشمهم وخواصهم خوفا عليهم من الأحوال التي ذكرناها ومن سماع ما حذرت منه. وكانوا ينفذونهم مع ثقاتهم إلى النواحي البيعدة منهم.
1 / 74