ضرره بالمسلمين من إماطة الأذى عن طريقهم، وبقي بين هذين [الطريقين] (١) أعداد لو تكلف المجتهد تحصيلها بغلبة الظن وشدة التتبع لأمكنه، وقد فعل ذلك بعض من تقدم، وفي الحكم بأن ذلك مراد النبي ﷺ[٤٧/ ب] صعوبة، ثم إنه لا يلزم معرفة أعيانها، ولا يقدح جهل ذلك في الإيمان؛ إذ أصول الإيمان وفروعه معلومة محققة، والإيمان بأن هذا العدد واجب في الجملة. هذا كلام القاضي عياض (٢).
قال ابن حبان (٣): تتبعتُ معنى هذا الحديث مُدِّة وعددت الطاعات، فإذا هي تزيدُ على هذا العدد شيئًا كثيرًا، فرجعتُ إلى السنن، فعددتُ كل طاعةٍ عدَّها رسول الله ﷺ من الإيمان، فإذا هي تنقص عن البضع والسبعين، فرجعتُ إلى كتاب الله فقرأته بالتدبر وعددت كُلَّ طاعةٍ عدَّها الله ونبيه ﷺ سبع وسبعون شعبة لا تزيد عليها ولا تنقص، فعلمتُ أنّ مراد رسول الله ﷺ أن هذا العدد في الكتاب والسنن. انتهى.
قلت: وقد يقال: إنه ﷺ لم يبين عددها ليحافظ المؤمن على كل خصلة خير ورد فيها الوعد [١٨/ أ] بالإثابة كما قيل في إخفاء ليلة القدر وساعة الجمعة، ويمكن أنه لم يرد العدد المتابعة بل المبالغة نحو: ﴿إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً﴾ (٤) ولا ينافيها ذكر البضع؛ لأنه في نفسه مجهول القدر، ويحتمل أن كل خصلة تحتها خلال من الخير، فإن مثل بر الوالدين فيه إنفاق المال لأجلهما وصلة أرحامهما وغير ذلك.
٢٨/ ٢ - وعن أنس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "ثَلاثٌ مَنْ كُنَّ فِيْهِ وَجَدَ بِهِنَّ طَعْمَ الإِيْمَانِ: مَنْ كَانَ الله وَرَسُولهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سُواهُمَا، وَمَنْ أَحَبَّ عَبْدًَا لاَ يُحِبُّهُ إِلاَ للهِ، وَمَنْ يَكْفُرهُ