147

ومسحه واستدلاله على كفاية غسل الباقي بان اعتدال بعض الأعضاء لا ينقص عن فقدانه فتحصل من جميع ما ذكرنا ان ما ذكره من الوجهين غير مستقيم في الجميع بعد ما عرفت من صراحة كلماتهم في شمول مورد التيمم للجروح والقروح الغير المستوعبة وشمول مورد غسل الباقي للمستوعب والانصاف انه لا يحضرني في الجمع بين هذه الكلمات وجه يطمئن به النفس وكذلك بين تلك الأخبار المتقدمة وان ذكر جماعة من أصحابنا وجوها لذلك بحمل اخبار التيمم على غير ذي الجبيرة وحمل تلك الأخبار على ذي الجبيرة أو حمل اخبار التيمم على المستوعب وتلك الأخبار على غيره أو حمل اخبار التيمم على ما لا يمكن مسحه أو مسح خرقة يشد عليه وحمل تلك الأخبار على ما يمكن أو حمل اخبار على الغسل وتلك الأخبار على الوضوء أو غسل ذي الجبيرة والخرقة كما هو مورد صحيحه عبد الرحمن بن الحجاج أو حمل اخبار التيمم على صورة الضرر بغسل الصحيح وتلك الأخبار على غيرها أو حمل اخبار الطرفين على التخيير الا ان الكل بعيد وإن كان ما قبل الأخير منها لا يخلو عن قرب بل ظهور بالنسبة إلى أكثر الاخبار وكيف كان فلا بد من ملاحظة ما يقتضيه الأصل فيما هو غير داخل تحت المنصوص من الأمراض المانعة عن غسل العضو وانه التيمم أو الوضوء الناقص مع مسح الموضع أو جبيرة موضوعة عليه أو بدونه فنقول ذكر شارح الدروس قده ما حاصله ان الوضوء المأمور به لما تعذر بعض أفعاله سقط الامر به لأنه تكليف واحد بمجموع الافعال لا تكاليف متعددة والتكليف بالتيمم في الآية لا يشمل بظاهره هذه الصورة فيجب الرجوع إلى الأصل وهو في مثل المقام مما علم وجوب شئ مردد هو التخيير الا ان الأحوط هو الجمع وهو مبنى على أن روايات الميسور وما لا يدرك كله وإذا أمرتكم بشئ لا تنهض لضعف اسنادها بل لقصور دلالتها لتأسيس قاعدة في التكاليف ويمكن دعوى انجبار ضعفها بتمسك العلماء بها قديما وحديثا مع ما حررناه في مقام اخر من عدم قصور دلالتها فالانصاف ان الحكم بسقوط التكليف بالكل لتعذر بعض اجزائه بأصالة البراءة في مقابل هذه الأخبار في غاية الجرئة مضافا إلى ما قيل أو يقال من أن المقام مقام الاستصحاب الحال لثبوت التكليف قبل التعذر وهذا الاستصحاب وإن كان غير جار بمقتضى الدقة في تعيين موضوع المستصحب الا ان الظاهر من الأصحاب في بعض المقامات كفاية احراز الموضوع ولو بالمسامحة العرفية كما يستصحب كريه الماء الذي اخذ منه بعد العلم بكريته فيقال هذا الماء كان كرا ويشك في ارتفاع كريته مع أن هذا الماء الموجود لم يعلم بكريته فيراد من الماء في القضيتين هو القدر المشترك بين ما قبل الاخذ وما بعده وكذلك يقال فيما نحن فيه ان الوضوء كان واجبا قبل هذا العذر والأصل بقائه بعده فيراد بالوضوء في القضيتين القدر المشترك بين ما قبل التعذر وما بعده أو يراد من الوجوب في القضيتين مطلق الثبوت المشترك بين النفسي والغيري فلا ينافي كون المتيقن سابقا هو الغيري والمشكوك فيه لاحقا هو النفسي ولذا اطلق عليه عدم السقوط في قوله الميسور لا يسقط مع أن الوجوب الغيري السابق ساقط قطعا والنفسي اللاحق لم يكن له ثبوت حتى يتصور فيه سقوط واما ما ذكره من عدم شمول أية التيمم لما نحن فيه فهو حق بملاحظة قوله تعالى ولم تجد واما فتيمموا الا ان قوله تعالى في اخر الآية ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم ظاهر في أن مناط شرعية التيمم هو ثبوت الجرح والضيق في اتيان أفعال الوضوء المتقدمة سابقا سواء كان لفقد الماء أو التضرر في تحصيله أو باستعماله في جميع الأعضاء أو بعضها على الوجه المعتبر من الغسل والمسح أو مطلقا فمحصل الآية الشريفة بملاحظة صدرها وذيلها انه كل ما كان في الاتيان بالافعال المعهودة للوضوء حرج على المكلف وجب عليه التيمم كما أن محصل أدلة الميسور وما لا يدرك انه إذا تعذر الاتيان بجميع أفعال الوضوء وجب الاتيان ببعضها المتمكن وحيث علم بالاجماع عدم اجتماع الطهارتين على مكلف واحد خلافا لما تقدم عن الشافعي تعارضت الأدلة من الطرفين بالعموم من وجه فيرجع من مادة الاجتماع إلى الاحتياط بالجمع بين الامرين لاستصحاب بقاء المنع عن الدخول في الصلاة وعدم الإباحة هذا ولكن مقتضى النظر الدقيق حكومة روايات الميسور لا يسقط بالمعسور وقوله ما استطعتم على أدلة التيمم لان مفاده ان ثبوت البعض الميسور على المكلف في زمان تيسر الكل ليس مقيدا ومنوطا بعدم تعسر شئ من الأجزاء حتى يسقط بتعسره بل هو على كل حال وكذا قوله (ع) فاتوا منه ما استطعتم الظاهر في اكتفاء الشارع بالمستطاع في امتثال الأوامر فيكشف عن أن الامر بكل مركب أمر بالمقدار المتمكن منه كلا كان أو بعضا وحينئذ فالامر في قوله تعالى إذا أقمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق غير مقيد بالتمكن من مسح الرأس والرجل وكذا العكس فالامر بكل من الأجزاء مشروط بالتمكن من نفسه غير مشروط بالتمكن من جزء اخر فالتمكن من الغسل العاجز عن المسح مثلا داخل تحت الامر المنجز بغسل الوجه والأيدي لأنه متمكن منه وان لم يجب عليه المسح لعدم التمكن فتكون الآية الشريفة بملاحظة رواية الميسور لا يسقط بالمعسور متكفلا لحكم الوضوءات الناقصة وكفايتها عند إرادة القيام إلى الصلاة فقوله ولم تجدوا ماء إلى اخر الآية ولو بملاحظة ذيلها يصير مختصا بمن كان الحرج في وضوئه ول ناقصا بان لم يتمكن من الافعال رأسا فيرجع إلى ما يكون الآية ظاهرة فيه قبل ملاحظة ذيلها وهو الفاقد الماء رأسا من حيث إنه ناظر إلى المعلق وحاكم على ظهوره في ارتباطه بالامر المتعلق بالاجزاء ولأجل ما ذكرنا ترى جماعة من الأصحاب كالشيخ في الخلاف والفاضلين في المعتبر والمنتهى وغيرهم يقتصرون في مثل مسألة

Halaman 147