287

Tahafut Tahafut

تهافت التهافت

Genre-genre

[13] ان قالوا لو فرضنا واجبى الوجود لكانا متماثلين من كل وجه او مختلفين فان كانا متماثلين من كل وجه فلا يعقل التعدد والاثنينية اذ السوادان هما اثنان اذا كانا فى محلين أو فى محل واحد ولكن فى وقتين اذ السواد والحركة فى محل واحد فى وقت واحد هما اثنان لاختلاف ذاتيهما واما اذا لم يختلف الذاتان كالسوادين مع اتحاد الزمان والمكان لم يعقل التعدد ولو جاز ان يقال فى وقت واحد فى محل واحد سوادان لجاز ان يقال فى حق كل شخص انه شخصان ولكن ليس يبين بينهما مغايرة . واذا استحال التماثل من كل وجه ولا بد من الاختلاف ولم يمكن بالزمان ولا بالمكان فلم يبق الا الاختلاف فى الذات ومهما اختلفا فى شىء فلا يخلو اما ان اشتركا فى شىء أو لا يشتركا فى شىء فان لم يشتركا فى شىء فهو محال اذ يلزم الا يشتركا فى الوجود ولا فى وجوب الوجود ولا فى كون كل واحد قائما بنفسه لا فى موضوع واذا اشتركا فى شىء واختلفا فى شىء كان ما فيه الاشتراك غير ما فيه الاختلاف فيكون ثم تركيب وانقسام بالقول . وواجب الوجود لا تركيب فيه وكما لا ينقسم بالكمية فلا ينقسم ايضا بالقول الشارح اذ لا يتركب ذاته من أمور يدل القول الشارح على تعددها كدلالة الحيوان والناطق على ما تقوم به ماهية الانسان فانه حيوان وناطق ومدلول لفظ الحيوان من الانسان غير مدلول لفظ الناطق فيكون الانسان مركبا من اجزاء تنتظم فى الحد بالفاظ تدل على تلك الاجزاء ويكون اسم الانسان لمجموعة وهذا لا يتصور ودون هذا لا تتصور التثنية والجواب انه مسلم انه لا تتصور التثنية الا بالمغايرة فى شىء ما وان المتماثلين من كل وجه لا يتصور تغاير هما ولكن قولكم ان هذا النوع من التركيب محال فى المبدأ الاول تحكم محض فما البرهان عليه ولنرسم هذه المسئلة على حيالها فان من كلامهم المشهور ان المبدأ الاول لا ي نقسم بالقول الشارح كما لا ينقسم بالكمية وعليه يبنى اثبات وحدانية الله سبحانه عندهم قلت لم يشعر ابو حامد بالاختلال الذى فى هذا المسلك الثانى فاخذ يتكلم معهم فى تجويز الكثرة بالحد على واجب الوجود التى نفوها عنه ورأى ان يجعلها مسألة على حدتها لان المتكلمين من الاشعرية يجوزون على المبدأ الاول الكثرة اذ يجعلونه ذاتا وصفاتا والاختلال الذى فى هذا المسلك الثانى ان المتباينين قد تباينا فى جوهريهما من غير ان يتفقا فى شىء الا فى اللفظ فقط وذلك اذا لم يكونا متفقين فى جنس اصلا لا قريب ولا بعيد مثل اسم الجسم عند الفلاسفة المقول على الجسم السماوى والجسم الفاسد ومثل اسم العقل المقول على عقل الانسان وعلى العقول المفارقة ومثل اسم الموجود المقول على الامور الكائنة الفاسدة والازلية فان اشباه هذه الالفاظ هى اشبه ان تدخل فى الاسماء المشتركة منها فى الاسماء المتواطئة فاذا ليس يلزم فى الموجودات المتباينة ان تكون مركبة ولما اقتصر ابو حامد فى جوابهم فى هذا المسلك على هذا القدر الذى ذكره اخذ يقرر اولا مذهبهم فى التوحيد ثم يروم معاندتهم قال ابو حامد حكاية عن الفلاسفة بل زعموا ان التوحيد لا يتم الا باثبات الوحدة لذات البارى من كل وجه واثبات الوحدة بنفى الكثرة من كل وجه والكثرة تتطرق الى الذوات من خمسة اوجه الاول بقبول الانقسام فعلا أو وهما فلذلك لم يكن الجسم الواحد واحدا مطلقا فانه واحد بالاتصال القائم القابل للزوال فهو منقسم فى الوهم بالكمية . وهذا محال فى المبدأ الاول الثانى ان ينقسم الشىء فى العقل الى معنيين مختلفىن لا بطريق الكمية كانقسام الجسم الى الهيولى والصورة فان كل واحد من الهيولى والصورة وان كان لا يتصور أن يقوم بنفسه دون الآخر فهما شيئان مختلفان بالحد والحقيقة يحصل بمجموعهما واحد هو الجسم . وهذا ايضا منفى عن الله تعالى فلا يجوز ان يكون البارى صورة فى جسم ولا مادة فى هيولى لجسم ولا مجموعهما . أما مجموعهما فلعلتين احديهما انه منقسم بالكمية عند التجزئة فعلا أو وهما والثانية انه منقسم بالمعنى الى الصورة والهيولى ولا يكون مادة لانها تحتاج الى الصورة وواجب الوجود مستغن من كل وجه فلا يجوز ان يرتبط وجوده بشرط آخر سواه ولا يكون صورة لانها تحتاج الى مادة الثالث الكثرة بالصفات بتقدير العلم والقدرة والارادة فان هذه الصفات ان كانت واجبة الوجود كان وجوب الوجود مشتركا بين الذات وبين هذه الصفات ولزمت كثرة فى واجب الوجود وانتفت الوحدة الرابع كثرة عقلية تحصل بتركيب الجنس والنوع فان السواد سواد ولون والسوادية غير اللونية فى حق العقل بل اللونية جنس والسوادية فصل فهو مركب من جنس وفصل والحيوانية غير الانسانية فى العقل فان الانسان حيوان ناطق والحيوان جنس والناطق فصل وهو مركب من الجنس والفصل وهذا نوع كثرة . فزعموا ان هذا أيضا منفى عن المبدأ الاول الخامس كثرة تلزم من جهة تقدير ماهية وتقدير وجود لتلك الماهية فان للانسان ماهية قبل الوجود والوجود يرد عليها ويضاف اليها وكذلك المثلث له ماهية وهو انه شكل يحيط به ثلاثة اضلاع وليس الوجود جزءا من ذات هذه الماهية مقوما لها ولذلك يجوز ان يدرك العاقل ماهية الانسان وماهية المثلث وليس يدرى ان لهما وجودا فى الاعيان أم لا ولو كان الوجود مقوما لماهيته لما تصور ثبوت ماهيته فى العقل قبل وجوده فالوجود مضاف الى الماهية سواء كان لازما بحيث لا تكون تلك الماهية الا موجودة كالسماء أو عارضا بعد ما لم يكن كماهية الانسان من زيد وعمرو وماهية الاعراض والصور الحادثة [بعمرو] فزعموا ان هذه الكثرة أيضا يجب ان تنفى عن الاول . فيقال ليس له ماهية الوجود مضاف اليها بل الوجود الواجب له كالماهية لغيره فالوجود الواجب ماهية وحقيقة كلية وطبيعة حقيقية كما ان الانسان والشجر والسماء ماهية اذ لو ثبت له ماهية لكان الوجود الواجب لازما لتلك الماهية غير مقوم لها واللازم تابع ومعلول فيكون الوجود الواجب معلولا ومناقضا لكونه واجبا

Halaman 296