239

Taghr Bassam

الثغر البسام في ذكر من ولى قضاة الشام

[147]

عزل في أواخر سنة ست عشرة عند إرادة المؤيد الخروج من مصر لقتال نوروز. ثم ولي نظر الجيش في شوال سنة ثمان عشرة، ثم أعيد في الشهر المذكور إلى القضاء، وجمع له بين الوظيفتين. ثم عزل بعد مباشرته نظر الجيش ست سنين وأربعة أشهر، في صفر سنة خمس وعشرين، واستمر في القضاء إلى أن عزل في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثلاثين بعد مباشرته في هذه المرة ثلاث عشرة سنة، وثمانية أشهر. ثم أعيد إلى القضاء وهي الولاية السادسة في شعبان سنة أربع وثلاثين. واستمر يباشر إلى حين وفاته. ومباشرته وفي ولاياته الست نحو تسعة عشر سنة ونصف. وبعد قتل القاضي نجم الدين ابن حجي طلب إلى مصر بسبب ذلك هو والسيد ابن نقيب الأشراف، فقيل إنه ظهر براءة ساحته من ذلك ومع ذلك غرم لهم جملة مستكثرة نحو أربعة آلاف دينار. وكان جريئا، مقداما، سديد الرأي لا يبالي ما يقول وما يفعل، ولا يتأثر بما يغرم من الأموال. حكي لي أنه غرم من سلطنة المؤيد إلى سلطنة الظاهر ططر سبعين ألف دينار، وغرم بعد ذلك أموالا كثيرة، وأخذ غالب مدارس الحنفية تداريس وأنظارا: الخاتونيتين، والقصاعين، والنورية، والصادرية، وغير ذلك من عامر وخراب، ثم أن الصفدي انتزع منه القصاعين والصادرية. فلما عزل الصفدي استعادهما. ولما جاء السلطان في هذه السنة سعى الصفدي في المدرستين المذكورتين فرسم له بهما، فسعى المذكور إلى أن القاضي شمس الدين الصفدي يسكن النورية والصادرية، وانتقل القاضي ونوابه من النورية، وحصل له بذلك نكاية. وقال في مرض موته: ما ملك فقيه في زماني من الفقه ما ملكت، وملكت مئتي مملوك ومئتي جارية. وكان كثير الإسراف على نفسه، شديدا بتخليط، والله غفورا رحيم، غير أنه لا يأخذا في القضاة شيئا، لا هو ولا نيابة كذا، وكان كثير المداراة للظلمة وأعدائه، والوفود إلى أبوابهم والخضوع لهم ويتجبر على غيرهم، وكان ذكيا يتكلم في العلم جيدا لكنه من غير حاصل، ويستحضر جملة من التاريخ.

Halaman 239