48

Tafsir wal-Bayan li-Ahkam al-Quran

التفسير والبيان لأحكام القرآن

Penerbit

مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٨ هـ

Lokasi Penerbit

الرياض - المملكة العربية السعودية

Genre-genre

والإقامةُ مصدرُ أقامَ، وأصلُ القيامِ في اللغةِ هو الانتصابُ المضادُّ للقعودِ والاضطجاعِ والركوعِ، وإنَّما كان قيامًا؛ لأنَّ الأمرَ لا يتأتَّى إلا به لأهميتِهِ؛ فالقائمُ يفعلُ وَيَقْوَى على ما لا يقْوَى عليه القاعدُ. وقد جاء الأمرُ بالصلاةِ بعدَ الأمرِ بالإيمانِ؛ لأهميةِ التدرُّجِ والتسلسُلِ بالتشريعِ؛ كما جاء في حديثِ معاذٍ وبَعْثِهِ إلى اليمنِ؛ قال ﷺ: (إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ. . . ."؛ الحديثَ (١). وأمَّا الاستدلالُ بقولِهِ تعالى: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾ على أنَّ المرادَ به تسويةُ الصفوفِ، ففي ذلك نظرٌ؛ وذلك أنَّ اللهَ أمَرَ موسى وأخاهُ بإقامةِ الصلاةِ؛ قال تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: ٨٧]، وتسويةُ الصفوفِ من خصائصِ هذه الأمَّةِ؛ كما روى مسلمٌ، عن رِبْعِيٍّ، عن حُذَيْفةَ؛ قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: (فُضِّلْنَا عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ المَلَائِكَةِ. . .)؛ الحديثَ (٢). والزكاةُ: مِن زَكَا الشيءُ: إذا نَمَا (٣). وسُمِّيتْ بذلك؛ دفعًا لتوهُّمِ النقصِ الطارئِ على دافعِها. قال الشاعرُ: كَانُوا خَسًا أوْ زَكًا مِنْ دُونِ أرْبَعَةٍ ... لَمْ يَخْلَقُوا، وَجُدُودُ النَّاسِ تَعْتَلِجُ (٤)

(١) أخرجه البخاري (١٤٥٨) (٢/ ١١٩)، ومسلم (١٩) (١/ ٥١). (٢) أخرجه مسلم (٥٢٢) (١/ ٣٧١). (٣) ينظر: "غريب الحديث" لابن قُتيبة (١/ ١٨٤). (٤) ينظر: "تهذيب اللغة" (١٤/ ٢٢٨)، "لسان العرب" (١٤/ ٢٢٨).

1 / 50