وكتاب اللَّه وسنة رسوله ﷺ تدل على خلاف هذا القول، وموافقة لما قلنا.
وكتاب اللَّه البيان الذي يُشفى به من العَمَى، وفيه الدلالة على موضع
رسول اللَّه ﷺ من كتاب اللَّه ودينه، واتباعه له، وقيامه بتبيينه عن اللَّه.
اختلاف الحديث: (المقدمة)
قال الشَّافِعِي رحمه الله تعالى: ولا ينسخ كتاب اللَّه إلا لقول اللَّه:
(مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا) الآية.
وقوله: (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ) الآية.
فأبان أن نسخ القرآن لا يكون إلا بقرأن مثله، وأبان جل ثناؤه أنه فرض
على رسوله اتباع أمره، فقال: (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) الآية.
وشهد له باتباعه، فقال جل ثناؤه: (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ) الآية.
فأعلم اللَّه خلقه أنه يهديهم إلى صراطه، قال فتُقام سنة رسول اللَّه مع
كتاب اللَّه جل ثناؤه، مقام البيان عن اللَّه عدد فرضه كبيان ما أراد بما أنزل عامًا.
العامَ أراد به أو الخاص، وما أنزل فرضًا وأدبًا وإباحة وإرشادًا إلا أن شيئًا من
سنة رسول الله يخالف كتاب اللَّه في حال، لأن اللَّه جل ثناؤه قد أعلم خلقه أن رسوله يهدي إلى صراط مستقيم صراط اللَّه، ولا أن شيئًا من سنن رسول اللَّه ناسخ لكتاب اللَّه، لأنه قد أعلم خلقه أنه إنما ينسخ القرآن بقرآن مثله، والسنة تبع للقرآن.
1 / 218