320

Tafsir Quran

تفسير القرآن الكريم (ابن القيم)

Editor

مكتب الدراسات والبحوث العربية والإسلامية بإشراف الشيخ إبراهيم رمضان

Penerbit

دار ومكتبة الهلال

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤١٠ هـ

Lokasi Penerbit

بيروت

١٢: ٥٢ ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ فهذا هو المذكور أولا بعينه.
فلا شيء يفصل الكلام من نظمه، ويضمر فيه قول لا دليل عليه.
فإن قيل: فما معنى قولها: «ليعلم أني لم أخنه بالغيب» .
قيل: هذا من تمام الاعتذار، قرنت الاعتذار بالاعتراف، فقالت ذلك أي قولي هذا وإقراري ببراءته: ليعلم أني لم أخنه بالكذب عليه في غيبته، وإن خنته في وجهه في أول الأمر، فالآن يعلم أني لم أخنه في غيبته، ثم اعتذرت عن نفسها بقولها وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي ثم ذكرت السبب الذي لأجله لم تبرئ نفسها، وهي أن النفس أمارة بالسوء.
فتأمل ما أعجب أمر هذه المرأة، أقرت بالحق واعتذرت عن محبوبها، ثم اعتذرت عن نفسها، ثم ذكرت السبب الحامل لها على ما فعلت، ثم ختمت ذلك بالطمع في مغفرة الله ورحمته، وأنه إن لم يرحم عبده وإلا فهو عرضة للشر.
فوازن بين هذا وبين تقدير كون هذا الكلام كلام يوسف ﵇ لفظا ومعنى.
وتأمل ما بين التقديرين من التفاوت، ولا يستبعد أن تقول المرأة هذا وهي على دين الشرك. فإن القوم كانوا يقرون بالرب ﷾ وبحقه، وإن أشركوا معه غيره. ولا تنس قول سيدها لها في أول الحال ١٢: ٢٩ وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخاطِئِينَ.
[سورة يوسف (١٢): آية ١٠١]
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١)
جمعت هذه الدعوة الإقرار بالتوحيد والاستسلام للرب وإظهار الافتقار إليه، والبراءة من موالاة غيره سبحانه، وكون الوفاة على الإسلام أجل غايات

1 / 331