Tafsir Muyassar
التفسير الميسر لسعيد الكندي
Genre-genre
ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب} أراد ذوي العناد منهم، { بكل آية} برهان قاطع، والمعنى لو أتاهم بكل آية من آيات الله، ليس آية دون آية. {ما تبعوا قبلتك} لأن تركهم اتباعك ليس على شبهة تزيلها بإيراد الحجة، إنما هو من مكابرة وعناد مع علمهم لما في كتبهم من نعتك أنك على الحق، وهكذا عادة كل من كان ديدنه الحمق والعناد، {وما أنت بتابع قبلتهم} حسم لأطماعهم إذ كانوا اضطربوا في ذلك وقالوا: لو ثبت على قبلتنا لكنا نرجوا أن يكون صاحبنا الذي ننتظره، {وما بعضهم بتابع قبلة بعض} يعني أنهم مع اتفاقهم على مخالفتك، مختلفون بأنفسهم في شأن القبلة، لا يرجى اتفاقهم كما لا يرجى موافقتهم لك، فاليهود تستقبل بيت المقدس، والنصارى مطلع الشمس؛ {ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم} أي من بعد وضوح البرهان، {إنك إذا لمن الظالمين(145)} لمن المرتكبين الظلم الفاحش، وفي ذلك لطف للسامعين وتهييج للثبات على الحق، وتحذير لمن يترك الدليل بعد إنارته، ويتبع الهوى؛ والخطاب متوجه لجميع المتعبدين، وكل ما لم يقم الدليل بجوازه فهو اتباع الهوى.
{الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه} أي الرسول أو القرآن، {كما يعرفون أبناءهم} مبالغة لارتفاع الشك من قلوبهم، ومعرفة الأبناء من غيرهم مع آبائهم ليس فيها للشك مجال. {وإن فريقا منهم} من الذين لم يسلموا، {ليكتمون الحق} حسدا وعنادا، {وهم يعلمون(146)} ذلك لأن الله بينه في كتابهم، {الحق من ربك} كل ما ثبت من عند الله فهو الحق، وما لم يثبت من عنده فهو الباطل الذي لا ثبات له ولا أصل؛ {فلا تكونن من الممترين(147)} الشاكين.
Halaman 78