Tafsir Muyassar
التفسير الميسر لسعيد الكندي
Genre-genre
إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} أي: في حال ظلمهم أنفسهم بالكفر وترك الهجرة، {قالوا} قال الملائكة للمتوفين: {فيم كنتم} في أي: شيء كنتم من أمر دينكم، ومعناه التوبيخ بأنهم لم يكونوا في شيء من الدين، وذلك كل كافر يوبخ على ما كفر به، ويقر في ذلك الحين بما أنكر، ويسأل الرجوع إلى الدنيا ليصلح ما أفسد. {قالوا: كنا مستضعفين} عن الهجرة {في الأرض؛ قالوا} أي: الملائكة موبخين لهم: {ألم تكن أرض الله واسعة، فتهاجروا فيها} أرادوا: إنكم كنتم قادرين على الخروج من أرض الشرك إلى أرض الإسلام، وإلى الرسول - عليه السلام - ، وهذا يدل على أن الإنسان إذا كان في بلد لا يتمكن فيه من إقامة أمر الدين لبعض العوائق، وعلم أن في غير بلده أقوم بحق الله، وجبت عليه المهاجرة؛ وفي الحديث: «من فر بدينه من أرض إلى أرض، وإن كان شبرا من الأرض، استوجب الجنة» (¬1) . {فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا(97)}.
{إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة} في الخروج منها، لفقرهم أو عجزهم؛ وفيه دليل على وجوب الاحتيال لإقامة الدين. {ولا يهتدون سبيلا(98)} ولا معرفة لهم بالمسالك.
{فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم، وكان الله عفوا غفورا(99)}، وذكر الولدان وهم غير متعبدين، كأنه أمر بإخراج أولاد المؤمنين مع القدرة، من دار الشرك إلى دار الإسلام، خوفا عن أن يدركهم التعبد وهم بين ظهرانيهم، فيؤول عليهم الضرر الديني والدنيوي، ومن قبل ما يخاف عليهم منهم، في حال طفولتهم؛ أو الولدان الذين بلغ سنهم وكمل عقلهم.
{
¬__________
(¬1) - ... لم نقف عليه في الربيع ولا في الكتب التسعة.
Halaman 254