Tafsir Mizan
تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي
Genre-genre
وفي التفسير، أيضا عن علي بن الحسين (عليهما السلام): ما في معناه وفيه: فلما عرفت الملائكة أنها وقعت في خطيئة لاذوا بالعرش، وأنها كانت عصابة من الملائكة وهم الذين كانوا حول العرش، لم يكن جميع الملائكة إلى أن قال: فهم يلوذون حول العرش إلى يوم القيامة.
أقول: يمكن أن يستفاد مضمون الروايتين من قوله حكاية عن الملائكة: ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك إلى قوله: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
وسيجيء أن العرش هو العلم، وبذلك وردت الروايات عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) فافهم ذلك، وعلى هذا كان المراد من قوله تعالى: وكان من الكافرين، قوم إبليس من الجان المخلوقين قبل الإنسان.
قال تعالى: "ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم": الحجر - 27، وعلى هذه الرواية فنسبة الكتمان إلى جميع الملائكة لا تحتاج إلى عناية زائدة، بل هي على حقيقته، فإن المعنى المكتوم خطر على قلوب جميع الملائكة، ولا منافاة بين هذه الرواية وما تفيد أن المكتوم هو ما كان يكتمه إبليس من الإباء عن الخضوع لآدم، والاستكبار لو دعي إلى السجود، لجواز استفادة الجميع كما هو كذلك.
وفي قصص الأنبياء، عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): سجدت الملائكة ووضعوا أجباههم على الأرض؟ قال: نعم تكرمة من الله تعالى.
وفي تحف العقول، قال: إن السجود من الملائكة لآدم إنما كان ذلك طاعة لله ومحبة منهم لآدم.
وفي الاحتجاج، عن موسى بن جعفر عن آبائه: أن يهوديا سأل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن معجزات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في مقابلة معجزات الأنبياء، فقال: هذا آدم أسجد الله له ملائكته، فهل فعل بمحمد شيئا من هذا؟ فقال علي: لقد كان ذلك، ولكن أسجد الله لآدم ملائكته، فإن سجودهم لم يكن سجود طاعة أنهم عبدوا آدم من دون الله عز وجل، ولكن اعترافا لآدم بالفضيلة ورحمة من الله له ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله جل وعلا صلى عليه في جبروته والملائكة بأجمعها، وتعبد المؤمنون بالصلاة عليه فهذه زيادة له يا يهودي.
وفي تفسير القمي،: خلق الله آدم فبقي أربعين سنة مصورا، وكان يمر به إبليس اللعين فيقول: لأمر ما خلقت؟ فقال: العالم" فقال إبليس: لئن أمرني الله بالسجود لهذا لعصيته" إلى أن قال: ثم قال الله تعالى للملائكة: اسجدوا لآدم فسجدوا فأخرج إبليس ما كان في قلبه من الحسد فأبى أن يسجد.
وفي البحار، عن قصص الأنبياء، عن الصادق (عليه السلام) قال: أمر إبليس بالسجود لآدم فقال: يا رب وعزتك إن أعفيتني من السجود لآدم لأعبدنك عبادة ما عبدك أحد قط مثلها، قال الله جل جلاله: إني أحب أن أطاع من حيث أريد وقال: إن إبليس رن أربع رنات: أولهن يوم لعن، ويوم أهبط إلى الأرض، ويوم بعث محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) على فترة من الرسل، وحين أنزلت أم الكتاب، ونخر نخرتين: حين أكل آدم من الشجرة، وحين أهبط من الجنة، وقال في قوله تعالى: فبدت لهما سوآتهما، وكانت سوآتهما لا ترى فصارت ترى بارزة، وقال الشجرة التي نهي عنها آدم هي السنبلة .
أقول: وفي الروايات - وهي كثيرة - تأييد ما ذكرناه في السجدة.
Halaman 70