176

Tafsir Mizan

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

Genre-genre

Tafsiran

نعم الأثر الخاص بالصلاح هو الإدخال في الرحمة، وهو الأمن العام من العذاب كما ورد المعنيان معا في الجنة، قال تعالى: "فيدخلهم ربهم في رحمته": الجاثية - 30، أي في الجنة، وقال تعالى: "يدعون فيها بكل فاكهة آمنين": الدخان - 55 أي في الجنة.

وأنت إذا تدبرت قوله تعالى: "وأدخلناه في رحمتنا": الأنبياء - 75 وقوله: "وكلا جعلنا صالحين": الأنبياء - 72 حيث نسب الفعل إلى نفسه تعالى لا إلى العبد - ثم تأملت أنه تعالى قصر الأجر والشكر على ما بحذاء العمل والسعي قضيت بأن الصلاح الذاتي كرامة ليست بحذاء العمل والإرادة وربما تبين به معنى قوله تعالى: "لهم ما يشاءون فيها" - وهو ما بالعمل - وقوله: "ولدينا مزيد" - وهو أمر غير ما بالعمل على ما سيجيء بيانه إن شاء الله في تفسير قوله تعالى: "لهم ما يشاءون فيها": ق - 35.

ثم إنك إذا تأملت حال إبراهيم ومكانته في أنه كان نبيا مرسلا وأحد أولي العزم من الأنبياء، وأنه إمام، وأنه مقتدى عدة ممن بعده من الأنبياء والمرسلين وأنه من الصالحين بنص قوله تعالى: "وكلا جعلنا صالحين": الأنبياء - 72، الظاهر في الصلاح المعجل على أن من هو دونه في الفضل من الأنبياء أكرم بهذا الصلاح المعجل وهو (عليه السلام) مع ذلك كله يسأل اللحوق بالصالحين الظاهر في أن هناك قوما من الصالحين سبقوه وهو يسأل اللحوق بهم فيما سبقوه إليه، وأجيب بذلك في الآخرة كما يحكيه الله تعالى في ثلاثة مواضع من كلامه حيث قال تعالى: "ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين": البقرة - 130، وقال تعالى: "وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين": العنكبوت - 27، وقال تعالى: "وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين": النحل - 122، فإذا تأملت ذلك حق التأمل قضيت بأن الصلاح ذو مراتب بعضها فوق بعض ولم تستبعد لو قرع سمعك أن إبراهيم (عليه السلام) سأل اللحوق بمحمد " (صلى الله عليه وآله وسلم)" وآله الطاهرين (عليهم السلام) فأجيب إلى ذلك في الآخرة لا في الدنيا فإنه (عليه السلام) يسأل اللحوق بالصالحين، ومحمد " (صلى الله عليه وآله وسلم)" يدعيه لنفسه.

قال تعالى: "قل إن وليي الله الذي نزل الكتاب بالحق وهو يتولى الصالحين": الأعراف - 196 فإن ظاهر الآية أن رسول الله " (صلى الله عليه وآله وسلم)" يدعي لنفسه الولاية فالظاهر منه أن رسول الله " (صلى الله عليه وآله وسلم)" هو المتحقق بالصلاح الذي يدعيه بموجب الآية لنفسه وإبراهيم كان يسأل الله اللحوق بعده من الصالحين يسبقونه في الصلاح فهو هو.

قوله تعالى: ووصى بها إبراهيم بنيه، أي وصى بالملة.

قوله تعالى: فلا تموتن، النهي عن الموت وهو أمر غير اختياري للإنسان، والتكليف إنما يتعلق بأمر اختياري إنما هو لرجوعه إلى أمر يتعلق بالاختيار، والتقدير احذروا أن يغتالكم الموت في غير حال الإسلام، أي داوموا والزموا الإسلام لئلا يقع موتكم إلا في هذا الحال، وفي الآية إشارة إلى أن الدين هو الإسلام كما قال تعالى: "إن الدين عند الله الإسلام": آل عمران - 19.

قوله تعالى: وإله آبائك إبراهيم وإسمعيل وإسحق، في الكلام إطلاق لفظ الأب على الجد والعم والوالد من غير مصحح للتغليب، وحجة فيما سيأتي إن شاء الله تعالى في خطاب إبراهيم لآزر بالأب.

قوله تعالى: إلها واحدا، في هذا الإيجاز بعد الإطناب بقوله: إلهك وإله آبائك "إلخ" دفع لإمكان إبهام اللفظ أن يكون إلهه غير إله آبائه على نحو ما يتخذه الوثنيون من الآلهة الكثيرة.

قوله تعالى: ونحن له مسلمون، بيان للعبادة وأنها ليست عبادة كيفما اتفقت بل عبادة على نهج الإسلام وفي الكلام جملة أن دين إبراهيم هو الإسلام والموروث منه في بني إبراهيم كإسحق ويعقوب وإسمعيل، وفي بني إسرائيل، وفي بني إسمعيل من آل إبراهيم جميعا هو الإسلام لا غير، وهو الذي أتى به إبراهيم من ربه فلا حجة لأحد في تركه والدعوة إلى غيره.

بحث روائي

في الكافي، عن سماعة عن الصادق (عليه السلام): الإيمان من الإسلام بمنزلة الكعبة الحرام من الحرم قد يكون في الحرم ولا يكون في الكعبة ولا يكون في الكعبة حتى يكون في الحرم.

Halaman 177