107

Tafsir Mizan

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

Genre-genre

Tafsiran

قوله تعالى: فتوبوا إلى بارئكم البارىء من الأسماء الحسنى كما قال تعالى: "هو الله الخالق البارىء المصور له الأسماء الحسنى": الحشر - 24، وقع في ثلاث مواضع من كلامه تعالى : اثنان منها في هذه الآية ولعله خص بالذكر هاهنا من بين الأسماء الملائمة معناه للمورد لأنه قريب المعنى من الخالق والموجد، من برأ يبرأ براء إذا فصل لأنه يفصل الخلق من العدم أو الإنسان من الأرض، فكأنه تعالى يقول: هذه التوبة وقتلكم أنفسكم وإن كان أشق ما يكون من الأوامر لكن الله الذي أمركم بهذا الفناء والزوال بالقتل هو الذي برأكم فالذي أحب وجودكم وهو خير لكم هو يحب الآن حلول القتل عليكم فهو خير لكم وكيف لا يحب خيركم وقد برأكم، فاختيار لفظ البارىء بإضافته إليهم في قوله: إلى بارئكم، وقوله عند بارئكم للإشعار بالاختصاص لإثارة المحبة.

قوله تعالى: ذلكم خير لكم عند بارئكم ظاهر الآية وما تقدمها أن هذه الخطابات وما وقع فيها من عد أنواع تعدياتهم ومعاصيهم إنما نسبت إلى الكل مع كونها صادرة عن البعض لكونهم جامعة ذات قومية واحدة يرضى بعضهم بفعل بعض، وينسب فعل بعضهم إلى آخرين.

لمكان الوحدة الموجودة فيهم، فما كل بني إسرائيل عبدوا العجل، ولا كلهم قتلوا الأنبياء إلى غير ذلك من معاصيهم وعلى هذا فقوله تعالى: فاقتلوا أنفسكم، إنما يعني به قتل البعض وهم الذين عبدوا العجل كما يدل عليه أيضا قوله تعالى: إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل، وقوله تعالى: ذلكم خير لكم عند بارئكم تتمة الحكاية من قول موسى كما هو الظاهر، وقوله تعالى: فتاب عليكم يدل على نزول التوبة وقبولها، وقد وردت الرواية أن التوبة نزلت ولما يقتل جميع المجرمين منهم.

ومن هنا يظهر أن الأمر كان أمرا امتحانيا نظير ما وقع في قصة رؤيا إبراهيم (عليه السلام) وذبح إسماعيل "يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا": الصافات - 105، فقد ذكر موسى (عليه السلام) فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم، وأمضى الله سبحانه قوله (عليه السلام) وجعل قتل البعض قتلا للكل وأنزل التوبة بقوله: فتاب عليكم.

قوله تعالى: رجزا من السماء، الرجز العذاب.

قوله تعالى: ولا تعثوا العيث والعثي أشد الفساد.

قوله تعالى: وقثائها وفومها، القثاء الخيار والفوم الثوم أو الحنطة.

قوله تعالى: وباءوا بغضب، أي رجعوا.

قوله تعالى: ذلك بأنهم كانوا يكفرون، تعليل لما تقدمه.

قوله تعالى: ذلك بما عصوا، تعليل للتعليل فعصيانهم ومداومتهم للاعتداء هو الموجب لكفرهم بالآيات وقتلهم الأنبياء كما قال تعالى: "ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوأى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون": الروم - 10، وفي التعليل بالمعصية وجه سيأتي في البحث الآتي.

بحث روائي

في تفسير العياشي،: في قوله تعالى: "وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة" عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: كان في العلم والتقدير ثلاثين ليلة ثم بدا منه فزاد عشرا فتم ميقات ربه الأول والآخر أربعين ليلة.

أقول: والرواية تؤيد ما مر أن الأربعين مجموع المواعدتين.

وفي الدر المنثور،: عن علي (عليه السلام): في قوله تعالى: وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم الآية، قال: قالوا لموسى: ما توبتنا؟ قال: يقتل بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أخاه وأباه وابنه والله لا يبالي من قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى مرهم فليرفعوا أيديهم وقد غفر لمن قتل وتيب على من بقي.

Halaman 108