Tafsir Majma' al-Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
Genre-genre
(1) - وهذا البساط مما علمه وقيل أنه علمه أسماء الملائكة وأسماء ذريته عن الربيع وقيل أنه علمه ألقاب الأشياء ومعانيها وخواصها وهو أن الفرس يصلح لما ذا والحمار يصلح لما ذا وهذا أبلغ لأن معاني الأشياء وخواصها لا تتغير بتغير الأزمنة والأوقات وألقاب الأشياء تتغير على طول الأزمنة وقال بعضهم أنه تعالى لم يعلمه اللغة العربية فإن أول من تكلم بالعربية إسماعيل (ع) وقالوا أن الله جعل الكلام معجزة لثلاثة من الأنبياء آدم وإسماعيل ومحمد ص ثم اختلف في كيفية تعليم الله تعالى آدم الأسماء فقيل علمه بأن أودع قلبه معرفة الأسماء وفتق لسانه بها فكان يتكلم بتلك الأسماء كلها وكان ذلك معجزة له لكونه ناقصا للعادة وقيل علمه إياها بأن اضطره إلى العلم بها وقيل علمه لغة الملائكة ثم علمه بتلك اللغة سائر اللغاتوقيل إنما علمه أسماء الأشخاص بأن أحضر تلك الأشياء وعلمه أسماءها في كل لغة وأنه لأي شيء يصلح وأي نفع فيه وأي ضرر وقوله «ثم عرضهم على الملائكة» روي عن ابن عباس أنه قال عرض الخلق وعن مجاهد قال عرض أصحاب الأسماء وعلى هذا فيكون معناه ثم عرض المسميات على الملائكة وفيهم من يعقل وفيهم من لا يعقل فقال عرضهم غلب العقلاء فأجرى على الجميع كناية من يعقل كقوله «والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع» أجري عليهم كناية من يعقل وفي قراءة أبي ثم عرضها وفي قراءة ابن مسعود ثم عرضهن وعلى هاتين القراءتين يصلح أن يكون عبارة عن الأسماء دون المسميات واختلف في كيفية العرض على الملائكة فقيل إنما عرضها على الملائكة بأن خلق معاني الأسماء التي علمها آدم حتى شاهدتها الملائكة وقيل صور في قلوبهم هذه الأشياء فصارت كأنهم شاهدوها وقيل عرض عليهم من كل جنس واحد وأراد بذلك تعجيزهم فإن الإنسان إذا قيل له ما اسم شيء صفته كذا وكذا فلم يعلم كان أبلغ عذرا ممن عرض عليه شيء بعينه وسئل عن اسمه فلم يعرفه وبين بذلك أن آدم ع أصلح لكدخدائية الأرض وعمارتها لاهتدائه إلى ما لا تهتدي الملائكة إليه من الصناعات المختلفة وحرث الأرض وزراعتها وإنباط الماء واستخراج الجواهر من المعادن وقعر البحار بلطائف الحكمة وهذا يقوي قول من قال أنه علمه خواص الأشياء وأراد به أنكم إذا عجزتم عن معرفة هذه الأشياء مع مشاهدتكم لها فأنتم عن معرفة الأمور المغيبة عنكم أعجز «فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين» أن سأل فقيل ما الذي ادعت الملائكة حتى خوطبوا بهذا وكيف أمرهم الله سبحانه أن يخبروا بما لا يعلمون فالجواب أن للعلماء فيه وجوها من الكلام (أحدها) أن الله تعالى لما أخبر الملائكة بأنه جاعل في الأرض خليفة هجس في نفوسها
Halaman 181