Tafsir Majma' al-Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
Genre-genre
(1) - والإقرار باللسان والعمل بالأركان وقد روي ذلك على لفظ آخر عنه أيضا الإيمان قول مقول وعمل معمول وعرفان بالعقول واتباع الرسول وأقول أن أصل الإيمان هو المعرفة بالله وبرسله وبجميع ما جاءت به رسله وكل عارف بشيء فهو مصدق به يدل عليه هذه الآية فإنه تعالى لما ذكر الإيمان علقه بالغيب ليعلم أنه تصديق للمخبر به من الغيب على معرفة وثقة ثم أفرده بالذكر عن سائر الطاعات البدنية والمالية وعطفهما عليه فقال «ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون» والشيء لا يعطف على نفسه وإنما يعطف على غيره ويدل عليه أيضا أنه تعالى حيث ذكر الإيمان إضافة إلى القلب فقال وقلبه مطمئن بالإيمان وقال أولئك كتب في قلوبهم الإيمان و قال النبي ص الإيمان سر وأشار إلى صدره والإسلام علانية وقد يسمى الإقرار إيمانا كما يسمى تصديقا إلا أنه متى صدر عن شك أو جهل كان إيمانا لفظيا لا حقيقيا وقد تسمى أعمال الجوارح أيضا إيمانا استعارة وتلويحا كما تسمى تصديقا كذلك فيقال فلان تصدق أفعاله مقاله ولا خير في قول لا يصدقه الفعل والفعل ليس بتصديق حقيقي باتفاق أهل اللغة وإنما استعير له هذا الاسم على الوجه الذي ذكرناه فقد آل الأمر تسليم صحة الخبر وقبوله إلى أن الإيمان هو المعرفة بالقلب والتصديق به على نحو ما تقتضيه اللغة ولا يطلق لفظه إلا على ذلك إلا أنه يستعمل في الإقرار باللسان والعمل بالأركان مجازا واتساعا وبالله التوفيق وقد ذكرنا في قوله «ويقيمون الصلاة» وجهين اقتضاهما اللغة وقيل أيضا إنه مشتق من القيام في الصلوة ولذلك قيل قد قامت الصلاة وإنما ذكر القيام لأنه أول أركان الصلاة وأمدها وإن كان المراد به هو وغيرهوالصلاة في الشرع عبارة عن أفعال مخصوصة على وجوه مخصوصة وهذا يدل على أن الاسم ينقل من اللغة إلى الشرع وقيل إن هذا ليس بنقل بل هو تخصيص لأنه يطلق على الذكر والدعاء في مواضع مخصوصة وقوله تعالى «ومما رزقناهم ينفقون» يريد ومما أعطيناهم وملكناهم يخرجون على وجه الطاعة وحكي عن ابن عباس أنه الزكاة المفروضة وعن ابن مسعود أنه نفقة الرجل على أهله لأن الآية نزلت قبل وجوب الزكاة وعن الضحاك هو التطوع بالنفقة و روي محمد بن مسلم عن الصادق ع أن معناه ومما علمناهم يبثون
والأولى حمل الآية على عمومها وحقيقة الرزق هو ما صح أن ينتفع به المنتفع وليس لأحد منعه منه وهذه الآية تدل على أن الحرام لا يكون رزقا لأنه تعالى مدحهم بالإنفاق مما رزقهم والمنفق من الحرام لا يستحق المدح على الإنفاق بالاتفاق فلا يكون رزقا.
النزول
قال بعضهم هذه الآية تناولت مؤمني العرب خاصة بدلالة قوله فيما بعد «والذين يؤمنون بما أنزل إليك» الآية فهذا في مؤمني أهل الكتاب إذ لم يكن للعرب كتاب
Halaman 122