Tafsir Majma' al-Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
Genre-genre
(1) - من خشية الله وقلوب اليهود لا تخشى ولا تخشع ولا تلين لأنهم عارفون بصدق محمد ثم لا يؤمنون به فقلوبهم أقسى من الحجارة (وثانيها) ما قاله الزجاج إن الله تعالى أعطى بعض الجبال المعرفة فعقل طاعة الله نحو الجبل الذي تجلى الله عز وجل له حين كلم موسى فصار دكا وكما روي عن النبي ص أنه قال إن حجرا كان يسلم علي في الجاهلية وإني لأعرفه الآن وهذا الوجه ضعيف لأن الجبل إذا كان جمادا فمحال أن يكون فيه معرفة الله وإن كان بنيته بنية الحي فإنه لا يكون جبلا وأما الخبر فإن صح فإن معناه أنه سبحانه أحياه فسلم على النبي ص ثم أعاده حجرا ويكون معجزا له ع (وثالثها) أنه يدعو المتفكر فيه إلى خشية الله أو يوجب الخشية له بدلالته على صانعه لما يرى فيه من الدلالات والعجائب وأضاف الخشية إليه لأن التفكر فيه هو الداعي إلى الخشية كما قال جرير بن عطية :
وأعور من نبهان أما نهاره # فأعمى وأما ليلة فبصير
فجعل الصفة لليل والنهار وهو يريد صاحبه النبهاني الذي يهجوه بذلك من أجل أنه كان فيهما على ما وصفه به (ورابعها) أنه إنما ذكر ذلك على سبيل ضرب المثل أي كأنه يخشى الله سبحانه في المثل لانقياده لأمره ووجد منه ما لو وجد من حي عاقل لكان دليلا على خشية كقوله سبحانه «فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض» أي كأنه يريد لأنه ظهر فيه من الميل ما لو ظهر من حي لدل على إرادته الانقضاض ومثله قوله «وإن من شيء إلا يسبح بحمده» وكما قال زيد الخيل :
بجمع تضل البلق في حجراته # ترى الأكم فيها سجدا للحوافر
فجعل ما ظهر في الأكم من آثار الحوافر وقلة مدافعتها لها كما يدافع الحجر الصلد سجودا لها ولو كانت الأكم في صلابة الحديد حتى تمتنع على الحوافر لم يقل أنها تسجد للحوافر قال جرير :
لما أتى خبر الزبير تواضعت # سور المدينة والجبال الخشع
أي كأنها كذلك وقال جرير أيضا:
والشمس طالعة ليست بكاسفة # تبكي عليك نجوم الليل والقمرا
Halaman 283