Tafsir Majma' al-Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
Genre-genre
(1) - أيها المرسلون ` قالوا إنا أرسلنا» * ولم يقل فقالوا ولو قيل بالفاء لكان حسنا ولو قلت قمت ففعلت لم يجز إسقاط الفاء لأنها عطف لا استفهام يحسن السكوت عليه وقوله «هزوا» لا يخلو من أحد أمرين (أحدهما) أن يكون المضاف محذوفا لأن الهزء حدث والمفعول الثاني من تتخذ يكون الأول نحو قوله «لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء» (والثاني) أن يكون الهزء بمعنى المهزوء به مثل الصيد في قوله تعالى «أحل لكم صيد البحر» ونحوه وكما يقال رجل رضي أي مرضي أقام المصدر مقام المفعول وأما قوله تعالى «لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا» فلا يحتاج فيه إلى تقدير محذوف لأن الدين ليس بعين وقوله «أعوذ بالله» أصله أعوذ فنقلت الضمة من الواو إلى الساكن قبلها من غير استثقال لذلك غير أنه لما أعلت عين الماضي لتحركها وانفتاح ما قبلها أعلت عين المضارع أيضا ليجري الباب على سنن واحد وكذلك القول في أعاذ يعيذ واستعاذ يستعيذ والأصل أعوذ يعوذ واستعوذ يستعوذ وقوله «لا فارض ولا بكر» قال الأخفش ارتفع ولم ينتصب كما ينتصب المنفي لأنه صفة لبقرة وقوله «عوان» مرفوع على أنه خبر مبتدإ محذوف كأنه قال هي عوان وقال الزجاج ارتفع فارض بإضمار هي أي هي لا فارض ولا بكر قال وإنما جاز «بين ذلك» وبين لا يكون إلا مع اثنين أو أكثر لأن ذلك ينوب عن الحمل تقول ظننت زيدا قائما فيقول القائل قد ظننت ذاك وظننت ذلك قال أبو علي لا يخلو ذلك فيما ذكره من قولهم ظننت ذلك من أن يكون إشارة إلى المصدر كما ذهب إليه سيبويه أو يكون إشارة إلى أحد مفعولي ظننت وأن تكون نائبة عن الجملة كما قاله أبو إسحاق ولا يجوز أن يكون إشارة إلى أحد المفعولين لأنه لو كان كذلك للزم أن يذكر الآخر كما لو أنك ذكرت اسم المشار إليه للزم فيه ذلك وكما أنك إذا ذكرت المبتدأ لزمك ذكر الخبر أو يعلم من الحال ما يقوم مقام ذكرك له ولا يجوز أن تكون نائبة عن الجملة هنا ولا إشارة إليها كما لم ينب عن الجملة في غير هذا الموضع من المواضع التي تقع فيها الجملة نحو صلة الذي ووصف النكرات فثبت أن ذاك في قولهم ظننت ذاك إشارة إلى المصدر الذي هو الظن ولا يجوز أن يقع اسم مفرد موقع جملة ولو كان سائغا أن ينوب ذلك عن الحمل لما جاز وقوعه هنا لأن هذا الموضع ليس من مواضع الجمل ألا ترى أن ذلك إشارة إلى ما تقدم مما دل عليه قوله «لا فارض ولا بكر» وهو البكارة والفروض فإنما يدل قوله ذلك عليهما فلو كان واقعا موقع جملة ما دل عليهما لأن الجملة يسند فيها الحدث إلى المحدث عنه وليس واحد من الفروض والبكارة يسند
Halaman 270