178

Tafsir Majma' al-Bayan

مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1

Genre-genre

Tafsiran

(1) - فضل ونقص واعتدوا أي ظلموا وجاوزوا ما حد لهم والسبت من أيام الأسبوع قال الزجاج السبت قطعة من الدهر فسمي بذلك اليوم وقال أبو عبيدة سمي بذلك لأنه يوم سبت فيه خلق كل شيء أي قطع وفرغ قوله منكم في موضع نصب حالا من الذين اعتدوا أي المعتدين كائنين منكم قوله «في السبت» متعلق باعتدوا وأصل السبت مصدر يقال يسبت سبتا إذا قطع ثم سمي اليوم سبتا وقد يقال يوم السبت فيخرج مصدرا على أصله وقد قالوا اليوم السبت فجعلوا اليوم خبرا عن السبت كما يقال اليوم القتال فعلى ما ذكرنا يكون في الكلام حذف تقديره في يوم السبت وقال قوم إنما سمي بذلك لأن اليهود يسبتون فيه أي يقطعون فيه الأعمالوقال آخرون سمي بذلك لما لهم فيه من الراحة لأن أصل السبت هو السكون والراحة ومنه قوله «وجعلنا نومكم سباتا» ويقال للنائم مسبوت لاستراحته وسكون جسده والقردة جمع قرد والأنثى قردة والخاسئ المبعد المطرود يقال خسأت الكلب أخسأه خسأ وخسئ الكلب يخسأ خسأ تقول خسأته وخسئ وانخسأ قال الراجز

كالكلب إن قلت له اخسأ انخسأ

أي إن طردته انطرد .

المعنى

خاطب اليهود فقال «ولقد علمتم» أي عرفتم «الذين اعتدوا منكم في السبت» أي الذين جاوزوا ما أمروا به من ترك الصيد يوم السبت وكان الحيتان تجتمع في يوم السبت لأمنها فحبسوها في السبت وأخذوها في الأحد فاعتدوا في السبت أي ظلموا وتجاوزوا ما حد لهم لأن صيدها هو حبسها وروي عن الحسن أنهم اصطادوا يوم السبت مستحلين بعد ما نهوا عنه «فقلنا لهم كونوا قردة» وهذا إخبار عن سرعة فعله ومسخه إياهم لا أن هناك أمرا ومعناه وجعلناهم قردة كقوله تعالى: «فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين» ولم يكن هناك قول وإنما أخبر عن تسهل الفعل عليه وتكوينه بلا مشقة قال ابن عباس فمسخهم الله تعالى عقوبة لهم وكانوا يتعاوون وبقوا ثلاثة أيام لم يأكلوا ولم يشربوا ولم يتناسلوا ثم أهلكهم الله تعالى وجاءت ريح فهبت بهم وألقتهم في الماءو ما مسخ الله أمة إلا أهلكها وهذه القردة والخنازير ليست من نسل أولئك ولكن مسخ أولئك على صورة هؤلاء يدل عليه إجماع المسلمين على أنه ليس في القردة والخنازير من هو من أولاد آدم ولو كانت من أولاد الممسوخين لكانت من بني آدم وقال مجاهد لم يمسخوا قردة وإنما هو مثل ضربه الله كما قال كمثل الحمار يحمل أسفارا وحكي عنه أيضا أنه مسخت قلوبهم فجعلت كقلوب القردة لا تقبل وعظا ولا تتقي زجرا وهذان القولان يخالفان الظاهر الذي أكثر المفسرين عليه من غير ضرورة تدعو إليه وقوله «خاسئين» أي مبعدين عن الخير وقيل أذلاء صاغرين مطرودين عن مجاهد وفي هذه

Halaman 264