Tafsir Majma' al-Bayan
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
Genre-genre
(1) - أخرج قبل ذلك بدلالة قوله فاخرج منها فإنك رجيم فجمع الخبر للنبي ص لأنهم قد اجتمعوا في الهبوط وإن كانت أوقاتهم متفرقة فيه كما يقال أخرج جميع من في الحبس وإن أخرجوا متفرقين والثاني أنه أراد آدم وحواء والحية وفي هذا الوجه بعد لأن خطاب من لا يفهم الخطاب لا يحسن ولأنه لم يتقدم للحية ذكر والكناية عن غير مذكور لا تحسن إلا بحيث لا يقع لبس مثل قوله «حتى توارت بالحجاب» وقوله «ما ترك على ظهرها من دابة» وقول حاتم :
أماوي ما يغني الثراء عن الفتى # إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
(والثالث) أنه أراد آدم وحواء وذريتهما لأن الوالدين يدلان على الذرية ويتعلق بهما (والرابع) أن يكون الخطاب يختص بآدم وحواء عليهما السلام وخاطب الاثنين على الجمع على عادة العرب وذلك لأن الاثنين أول الجمع قال الله تعالى «إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين» أراد حكم داود وسليمان وقد تأول قوله تعالى «فإن كان له إخوة» على معنى فإن كان له أخوان (والخامس) آدم وحواء والوسوسة عن الحسن وهذا ضعيف وقوله «بعضكم لبعض عدو» يعني آدم وذريته وإبليس وذريته ولم يكن من آدم إليه ما يوجب عداوته إياه ولكن حسده الملعون وخالفه فنشأت بينهما العداوة ثم إن عداوة آدم له إيمان وعداوة إبليس له كفر وقال الحسن يريد بني آدم وبني إبليس وليس ذلك بأمر بل هو تحذير يعني أن الله تعالى لا يأمر بالعداوة فالأمر مختص بالهبوط والمعاداة يجري مجرى الحال لأن الظاهر يقتضي أنه أمرهما بالهبوط في حال عداوة بعضهم بعضا فأما على الوجه الذي يتضمن أن الخطاب يختص بآدم وحواء فالمراد به أن ذريتهما يعادي بعضهم بعضا وعلق الخطاب بهما للاختصاص بين الذرية وبين أصلها وقوله «ولكم في الأرض مستقر» أي مقر ومقام وثبوت بأن جعل الأرض قرارا لكم «ومتاع» أي استمتاع «إلى حين» إلى وقت الموت وقيل إلى يوم القيامة وقيل إلى فناء الآجالأي كل امرئ مستقر إلى فناء أجله وقال أبو بكر السراج لو قال ولكم في الأرض مستقر ومتاع لظن أنه غير منقطع فقال «إلى حين» أي إلى حين انقطاعه والفرق بين قول القائل أن هذا لكم حينا وبين قوله «إلى حين» إلى أن يدل على الانتهاء ولا بد أن يكون له ابتداء وليس كذلك الوجه الآخر وفي هذه الآية دلالة على أن الله تعالى لا يريد المعصية ولا يصد أحدا عن الطاعة ولا يخرجه عنها
Halaman 198