للانكار لا لعدم الاقرار.
ولا بأس علينا أن نذكر معنى التضمين هنا فإنه يناسبه، فنقول: التضمين أن يقصد بفعل معناه الحقيقي ويلاحظ معه فعلا آخر يناسبه، ويدل عليه بذكر شئ من متعلقات الاخر، كقولك: " أحمد إليك فلانا "، فإنك لما جعلت فيه مع الحمد معنى الانهاء ودللت عليه بذكر صلته، أعني كلمة (إلى) كأنك قلت: أنهي حمده إليك.
ثم إنهم اختلفوا فذهب بعضهم إلى أن اللفظ مستعمل في معناه الحقيقي فقط، والمعنى الآخر مراد بلفظ محذوف يدل عليه ذكر ما هو من متعلقاته، فتارة يجعل المذكور أصلا والمحذوف قيدا على أنه حال، وتارة يعكس.
وذهب آخرون إلى أن كلا المعنيين مراد بلفظ واحد على طريق الكناية، إذ يراد بها معناه الأصلي ليتوصل بفهمه إلى ما هو المقصود الحقيقي، فلا حاجة إلى تقدير، إلا لتصور المعنى. وفيه ضعف، لان المعنى المكنى به في الكناية قد لا يقصد ثبوته، وفي التضمين يجب القصد إلى ثبوت كل من المضمن والمضمن فيه.
والأظهر أن يقال: إن اللفظ مستعمل في معناه الأصلي، فيكون هو المقصود أصالة، لكن قصد بتبعية معنى آخر يناسبه من غير أن يستعمل فيه ذلك اللفظ و يقدر له لفظ آخر، فلا يكون من باب الكناية ولا من الاضمار، بل من قبيل الحقيقة التي قصد بمعناها الحقيقي معنى آخر يناسبه ويتبعه في الإرادة. فاحفظ هذه المسألة فإنها مفيدة.
بالغيب: الغيب مصدر غاب غيبا، حمل على الغائب مبالغة، أو على حذف مضاف، أو على جعل المصدر بمعنى اسم الفاعل، وإما مخفف فيعل كهين وهين و أمثاله.
ورد ذلك بأن هذا لا يدعى إلا فيما يسمع مثقلا كنظائره، وذلك ليس من هذا القبيل، والمراد به الخفي الذي لا يكون محسوسا ولا في قوة المحسوس كالمعلومات ببديهة العقل، وذلك كذاته سبحانه وأسمائه الحسنى وصفاته العلى وأحوال الآخرة، إلى غير ذلك من كل ما يجب على العبد أن يؤمن به وهو غائب عنه لا
Halaman 83