الحقيقي المطلوب بقوله تعالى: (واتقوا الله حق تقاته) (1).
قيل: ومن جملة معاني باب الافتعال، الاتخاذ، فمعنى إتقى على هذا اتخذ الوقاية، ولهذا قال بعض العلماء في قوله تعالى: " يا أيها الناس اتقوا ربكم " (2):
اجعلوا ما ظهر منكم وقاية لربكم، واجعلوا ما بطن منكم وهو ربكم وقاية، فإن الامر ذم وحمد، فكونوا وقايته في الذم واجعلوه وقايتكم في الحمد تكونوا أدباء عالمين، فإن توحيد الافعال يقتضي إسناد المحامد والمذام إلى الله، فالسالك إذا أسندهما إليه قبل ذكاء النفس وطهارتها تقع في الإباحة وبعد طهارتها يكون مسيئا للأدب، فعلى هذا المتقون هم الذين يتخذون ربهم وقاية لأنفسهم وينسبون الكمالات إلى ربهم، لا إلى أنفسهم ليكون لهم إخلاص من ظهور أنياتهم وأنفسهم، ويتخذون أنفسهم وقاية لربهم وينسبون النقائص إلى أنفسهم لا إلى ربهم، ولو كانت في حقيقة التوحيد منسوبة إلى الله تعالى، لئلا يسيئوا الأدب إليه سبحانه.
وإنما قال: (هدى للمتقين) مع أن المتقين مهتدون، إما بناء على أن المراد بالمتقين المشارفون على التقوى، أو المقصود زيادة وقايتهم، بأن يراد بالهدى زيادة الهدى إلى مطلب لهم، أو التثبت على ما كان حاصلا لهم.
ويحتمل أن يراد بالمتقي: الموحد مطلقا.
روى الصدوق في التوحيد، بإسناده عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: (هو أهل التقوى وأهل المغفرة) (3) قال: قال الله تبارك وتعالى: أنا أهل أن أتقى ولا يشرك بي عبدي شيئا، وأنا أهل إن لم يشرك بي عبدي أن أدخله الجنة (4).
قال صاحب الكشف: الأظهر أنه لا يحتاج إلى أحد التجوزين، من حمل الهدى على الازدياد، والمتقي على المشارف، لأنه إذا قيل: السلاح عصمة للمعتصم أو عصا
Halaman 80