مسألة: قالت القدرية: إن الجنة التي أسكنها آدم لم تكن جنة الخلد، وإنما كانت بستانا من بساتين الدنيا؟ قالوا: لأن الجنة لا يكون فيها ابتلاء؛ ولا تكليف.
الجواب: أنا قد أجمعنا على أن أهل الجنة مأمورون فيها بالمعروف ومكلفون ذلك. وجواب آخر: أن الله قادرا على الجمع بين الأضداد؛ فأري آدم المحنة في الجنة؛ وأري إبراهيم النعيم في النار؛ لئلا يأمن العبد ربه؛ ولا يقنط من رحمته. وليعلم: أن الله له أن يفعل ما يشاء.
واحتجوا بأن من دخل الجنة يستحيل عليه الخروج منها. فالجواب: أن من دخلها للثواب لا يخرج منها أبدا؛ وآدم لم يدخلها للثواب؛ ألا ترى أن رضوان وخزان الجنان يدخلونها ثم يخرجون منها وإبليس كان خازن الجنة فأخرج منها.
قوله عز وجل: { وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو }؛ أي قلنا لآدم وحواء وإبليس والحية والطاووس: انزلوا إلى الأرض { بعضكم لبعض عدو } فإبليس عدو لآدم وذريته؛ والحية تلدغ ابن آدم؛ وابن آدم يشدخ رأسها.
قيل: إن إبليس قال لآدم وحواء: أيكما أكل من الشجرة كان مسلطا على صاحبه؛ فابتدءا إلى الشجرة؛ فسبقت حواء فأكلت منها؛ وأطعمت آدم. وقيل: إن آدم قال لها: يا حواء ويحك ما تعلمين أن الله قد نهانا عنها. فقالت: أما تعلم سعة رحمة الله، فأكلت منها وأطعمته.
قيل: إن إبليس لما دخل إلى الجنة في فم الحية سأل الطاووس عن الشجرة التي نهى الله آدم وحواء عنها؛ فدل عليها. فغضب الله على الطاووس فأهبطه بميسان؛ وهو موضع بسواد العراق. وأهبط إبليس بساحل بحر إيلية؛ وهي مدينة إلى جنب البصرة. وأهبطت الحية بأصبهان.
قوله تعالى : { ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين }؛ أي إلى وقت انقضاء آجالكم ومنتهى أعماركم. روي: أن إبراهيم بن أدهم كان يقول: (أورثتنا تلك الأكلة حزنا طويلا).
[2.37]
قوله تعالى: { فتلقى ءادم من ربه كلمت فتاب عليه }؛ قرأ ابن كثير بنصب (آدم) ورفع (كلمات) بمعنى جاءت الكلمات آدم من ربه. وفي قوله تعالى: { فتاب عليه } اختصار وتقليب المذكور؛ وإلا فهو قد تاب عليه وعلى حواء.
واختلفوا في الكلمات التي تلقاها آدم؛ قيل: نزل بها جبريل؛ وهي
Halaman tidak diketahui