قوله تعالى: { وإن الذين اختلفوا في الكتاب }؛ قيل: هم اليهود والنصارى، وأراد بالكتاب: التوراة والإنجيل وما فيهما من البشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم وصحة أمره ودينه.
وقيل: هم الكفار كلهم، وأراد بالكتاب القرآن واختلافهم فيه؛ لأن بعضهم قال: هو سحر، وبعضهم قال: هو قول البشر، وبعضهم قال: هو أساطير الأولين، { وإن الذين اختلفوا في الكتاب } { لفي شقاق بعيد }؛ أي خلاف طويل.
[2.177]
قوله عز وجل: { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب }؛ قرأ حمزة وحفص: (ليس البر) بالنصب، ووجه ذلك: أنهما جعلا (أن) وصلتهما في موضع الرفع على اسم ليس، تقديره: ليس توليتكم وجوهكم البر، كقوله تعالى:
فكان عاقبتهمآ أنهما في النار
[الحشر : 17]. وقرأ الباقون بالرفع على أنه اسم (ليس).
واختلف المفسرون في هذه الآية: فقال قوم: أراد بها اليهود والنصارى قبل المشرق، وزعم كل فريق منهم أن البر في ذلك، فأخبر الله تعالى أن البر غير دينهم وعملهم، وعلى هذا القول قتادة والربيع ومقاتل.
وقيل: لما حولت القبلة إلى الكعبة كثر الخوض في أمر القبلة، فتوجهت. النصارى نحو المشرق، واليهود يصلون قبل المغرب إلى بيت المقدس، واتخذوهما قبلة وزعموا أنه البر، فأكذبهم الله تعالى بهذا وبين أن البر في طاعته واتباع أمره، وأن البر يتم بالإيمان. وقيل: معناه: ليس البر كله في الصلاة فقط، { ولكن البر } ، الذي يؤدي للثواب، { من آمن بالله واليوم الآخر } ، والإقرار بالملائكة أنهم عباد الله ورسله؛ لا كما قال بعض الكفار: أن الملائكة بنات الله. والإقرار بالنبيين كلهم.
فإن قيل لهم: جعل (من) خبر (البر) و(من) اسم و(البر) فعل، وهم لا يجبرون: (البر) زيد. قيل: معناه عند بعضهم: ولكن البر الإيمان بالله، والعرب تجعل الاسم خبرا للفعل كقولهم: البر الصادق الذي يصل رحمه ويخفي صدقته، يريدون صلة الرحم وإخفاء الصدقة، فيكون (من) في موضع المصدر كأنه قال: ولكن البر من آمن بالله والبر بر من آمن بالله، كما يقال: الجود من حاتم؛ والشجاعة من عنتر؛ أي الجود جود حاتم، والشجاعة شجاعة عنتر، ومثله قوله تعالى:
وسئل القرية
Halaman tidak diketahui