Tafsir Ibn Kathir

Ibn Kathir d. 774 AH
80

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير - ت السلامة

Penyiasat

سامي بن محمد السلامة

Penerbit

دار طيبة للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثانية ١٤٢٠ هـ

Tahun Penerbitan

١٩٩٩ م

Genre-genre

الْأَنَاجِيلُ الَّتِي بِأَيْدِي النَّصَارَى فَأَرْبَعَةٌ: إِنْجِيلُ مُرْقُسَ، وَإِنْجِيلُ لُوقَا وَإِنْجِيلُ مَتَّى، وَإِنْجِيلُ يُوحَنَّا، وَهِيَ مُخْتَلِفَةٌ -أَيْضًا-اخْتِلَافًا كَثِيرًا، وَهَذِهِ الْأَنَاجِيلُ الْأَرْبَعَةُ كُلٌّ مِنْهَا لَطِيفُ الْحَجْمِ مِنْهَا مَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَرَقَةً بِخَطٍّ مُتَوَسِّطٍ، وَمِنْهَا مَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ إِمَّا بِالنِّصْفِ أَوْ بِالضِّعْفِ، وَمَضْمُونُهَا سِيرَةُ عِيسَى وَأَيَّامُهُ وَأَحْكَامُهُ وَكَلَامُهُ وَفِيهِ شَيْءٌ قَلِيلٌ مِمَّا يَدَّعُونَ أَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَهِيَ مَعَ هَذَا مُخْتَلِفَةٌ، كَمَا قُلْنَا، وَكَذَلِكَ التَّوْرَاةُ مَعَ مَا فِيهَا مِنَ التَّبْدِيلِ وَالتَّحْرِيفِ، ثُمَّ هُمَا مَنْسُوخَانِ بَعْدَ ذَلِكَ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ الْمُطَهَّرَةِ. فَلَمَّا قَالَ حُذَيْفَةُ لِعُثْمَانَ ذَلِكَ أَفْزَعَهُ وَأَرْسَلَ إِلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تُرْسِلَ إِلَيْهِ بِالصُّحُفِ الَّتِي عِنْدَهَا مِمَّا جَمَعَهُ الشَّيْخَانِ لِيَكْتُبَ ذَلِكَ فِي مُصْحَفٍ وَاحِدٍ، وَيُنْفِذَهُ إِلَى الْآفَاقِ، وَيَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهِ وَتَرْكِ مَا سِوَاهُ، فَفَعَلَتْ حَفْصَةُ وَأَمَرَ عُثْمَانُ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةَ وَهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيُّ، أَحَدُ كُتَّابِ الْوَحْيِ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وعبد الله بْنُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ الْقُرَشِيُّ الْأَسَدِيُّ، أَحَدُ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ وَنُجَبَائِهِمْ عِلْمًا وَعَمَلًا وَأَصْلًا وَفَضْلًا وَسَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ، وَكَانَ كَرِيمًا جَوَادًا مُمَدَّحًا، وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ لَهْجَةً بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ الْقُرَشِيُّ الْمَخْزُومِيُّ، فَجَلَسَ هَؤُلَاءِ النَّفَرُ يَكْتُبُونَ الْقُرْآنَ نُسَخًا، وَإِذَا اخْتَلَفُوا فِي وَضْعِ الْكِتَابَةِ عَلَى أَيِّ لُغَةٍ رَجَعُوا إِلَى عُثْمَانَ، كَمَا اخْتَلَفُوا فِي التَّابُوتِ أَيَكْتُبُونَهُ بِالتَّاءِ وَالْهَاءِ، فَقَالَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ: إِنَّمَا هُوَ التَّابُوهُ وَقَالَ الثَّلَاثَةُ الْقُرَشِيُّونَ: إِنَّمَا هُوَ التَّابُوتُ فَتَرَاجَعُوا (١) إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: اكْتُبُوهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، فَإِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَتِهِمْ. وَكَانَ عُثْمَانُ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-رَتَّبَ السُّوَرَ فِي الْمُصْحَفِ، وَقَدَّمَ السَّبْعَ الطِّوَالَ وَثَنَّى بِالْمِئِينَ؛ وَلِهَذَا رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْكِبَارِ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، عَنْ يَزِيدَ الْفَارِسِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ، فَقَرَنْتُمْ بينها ولم تكتبوا بينها سَطْرَ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ؟ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ عُثْمَانُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ، فَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا، وَحَسِبْتُ أَنَّهَا مِنْهَا وَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ "بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ" فَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ (٢) .

(١) في ط: "فترافعوا". (٢) تفسير الطبري (١/ ١٠٢) وسنن أبي داود برقم (٧٨٦) وسنن الترمذي برقم (٣٠٨٦) وسنن النسائي الكبرى برقم (٨٠٠٧) ويزيد الفارسي مجهول وقد انفرد بهذا الحديث.

1 / 29