Tafsir Ibn Kathir

Ibn Kathir d. 774 AH
78

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير - ت السلامة

Penyiasat

سامي بن محمد السلامة

Penerbit

دار طيبة للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثانية ١٤٢٠ هـ

Tahun Penerbitan

١٩٩٩ م

Genre-genre

ابن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ؛ أَنَّ عُثْمَانَ شَهِدَ بِذَلِكَ أَيْضًا (١) . وَأَمَّا قَوْلُ زَيْدِ [بْنِ ثَابِتٍ] (٢) "فَتَتَبَّعْتُ الْقُرْآنَ أَجْمَعُهُ مِنَ العُسُب واللِّخاف وَصُدُورِ الرِّجَالِ" وَفِي رِوَايَةٍ: "مِنَ الْعُسُبِ والرِّقَاع وَالْأَضْلَاعِ، وَفِي رِوَايَةٍ: "مِنَ الْأَكْتَافِ وَالْأَقْتَابِ وَصُدُورِ الرِّجَالِ". أَمَّا العُسُب فَجَمْعُ عَسِيبٍ. قَالَ أَبُو النَّصْرِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمَّادٍ الْجَوْهَرِيُّ: وَهُوَ مِنَ السَّعَفِ فُوَيْقَ الكَرَب لَمْ يَنْبُتْ عَلَيْهِ الْخُوصُ، وَمَا نَبَتَ عَلَيْهِ الْخُوصُ فَهُوَ السَّعَفُ. واللِّخاف: جَمْعُ لَخْفَة وَهِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْحِجَارَةِ مُسْتَدَقَّةٌ، كَانُوا يَكْتُبُونَ عَلَيْهَا وَعَلَى الْعُسُبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِمَّا يُمْكِنُهُمُ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ مِمَّا يُنَاسِبُ مَا يَسْمَعُونَهُ مِنَ الْقُرْآنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ أَوْ يَثِقُ بِحِفْظِهِ، فَكَانَ يَحْفَظُهُ، فَتَلَقَّاهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ هَذَا مِنْ عَسِيبِهِ، وَمِنْ هَذَا مِنْ لِخَافِهِ، وَمِنْ صَدْرِ هَذَا، أَيْ مِنْ حِفْظِهِ، وَكَانُوا أَحْرَصَ شَيْءٍ عَلَى أَدَاءِ الْأَمَانَاتِ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَوْدَعَهُمْ ذَلِكَ لِيُبَلِّغُوهُ إِلَى مَنْ بَعْدَهُ كَمَا قَالَ [الله] (٣) تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ﴾ [الْمَائِدَةِ: ٦٧]، فَفَعَلَ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، مَا أُمِرَ بِهِ؛ وَلِهَذَا سَأَلَهُمْ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ يوم عرفة على رؤوس الْأَشْهَادِ، وَالصَّحَابَةُ أَوْفَرُ مَا كَانُوا مُجْتَمِعِينَ، فَقَالَ: "إنكم مسؤولون عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ (٤)؟ ". فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغت وأدَّيت وَنَصَحْتَ، فَجَعَلَ يُشِيرُ بِأُصْبُعِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَيَنْكُبُهَا عَلَيْهِمْ وَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرٍ (٥) . وَقَدْ أَمَرَ أُمَّتَهُ أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ وَقَالَ: "بَلِّغوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً" (٦) يَعْنِي: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَ أَحَدِكُمْ سِوَى آيَةٍ وَاحِدَةٍ فَلْيُؤَدِّهَا إِلَى مَنْ وَرَاءَهُ، فبلَّغوا عَنْهُ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ، فَأَدَّوُا الْقُرْآنَ قُرْآنًا، وَالسُّنَّةَ سُنَّةً، لَمْ يَلْبِسُوا هَذَا بِهَذَا؛ وَلِهَذَا قَالَ ﵊: "مَنْ كَتَبَ عَنِّي سِوَى الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ" (٧) أَيْ: لِئَلَّا يَخْتَلِطَ بِالْقُرْآنِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ: أَلَّا يَحْفَظُوا السُّنَّةَ وَيَرْوُوهَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. فَلِهَذَا نَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الْقُرْآنِ مِمَّا أَدَّاهُ الرَّسُولُ ﷺ إِلَيْهِمْ إِلَّا وَقَدْ بَلَّغُوهُ إِلَيْنَا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ، فَكَانَ الَّذِي فَعَلَهُ الشَّيْخَانِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، ﵄، مِنْ أَكْبَرِ الْمَصَالِحِ الدِّينِيَّةِ وَأَعْظَمِهَا، مِنْ حِفْظِهِمَا كِتَابَ اللَّهِ فِي الصُّحُفِ؛ لِئَلَّا يَذْهَبَ مِنْهُ شَيْءٌ بِمَوْتِ مَنْ تَلَقَّاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، ثُمَّ كَانَتْ تِلْكَ الصُّحُفُ عِنْدَ الصِّدِّيقِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ بَعْدَهُ مَحْرُوسَةً مُعَظَّمَةً مُكَرَّمَةً، فَلَمَّا مَاتَ كَانَتْ عِنْدَ حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، ﵂، حَتَّى أَخَذَهَا مِنْهَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، ﵁، كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. قَالَ الْبُخَارِيُّ، ﵀: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، حَدَّثَنَا ابْنُ شهاب، عن

(١) رواه ابن أبي داود في المصاحف (ص ١٧) . (٢) زيادة من م. (٣) زيادة من م. (٤) في ط، جـ: "مجيبون". (٥) صحيح مسلم برقم (١٢١٨) . (٦) رواه البخاري في صحيحه برقم (٣٤٦١) من حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ﵄. (٧) رواه مسلم في صحيحه برقم (٢٢٩٩) من حديث أبي سعيد، ﵁.

1 / 27