Tafsir Ibn Kathir
تفسير ابن كثير
Penyiasat
سامي بن محمد السلامة
Penerbit
دار طيبة للنشر والتوزيع
Nombor Edisi
الثانية
Tahun Penerbitan
1420 AH
Genre-genre
Tafsiran
عَبْدِ الْبَرِّ، قَالَ: لِأَنَّ غَيْرَ لُغَةِ قُرَيْشٍ مَوْجُودَةٌ فِي صَحِيحِ الْقِرَاءَاتِ بِتَحْقِيقِ الْهَمَزَاتِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا لَا تَهْمِزُ. وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كُنْتُ أَدْرِي مَا مَعْنَى: ﴿فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾ [فاطر: ١]، حتى سمعت أعربيا يَقُولُ لِبِئْرٍ ابْتَدَأَ حَفْرَهَا: أَنَا فَطَرْتُهَا.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ لُغَاتِ الْقُرْآنِ السَّبْعَ مُنْحَصِرَةٌ فِي مُضَرَ عَلَى اخْتِلَافِ قَبَائِلِهَا خَاصَّةً؛ لِقَوْلِ عُثْمَانَ: إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ (١) قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ هُمْ بَنُو النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ أَقْوَالِ أَهْلِ النَّسَبِ، كَمَا نَطَقَ بِهِ الْحَدِيثُ فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ -وَحَكَاهُ الْبَاقِلَّانِيُّ عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ-: أَنَّ وُجُوهَ الْقِرَاءَاتِ تَرْجِعُ إِلَى سَبْعَةِ أَشْيَاءَ، مِنْهَا مَا تَتَغَيَّرُ حَرَكَتُهُ وَلَا تَتَغَيَّرُ صُورَتُهُ وَلَا مَعْنَاهُ مِثْلُ: ﴿وَيَضِيقُ صَدْرِي﴾ [الشُّعَرَاءِ: ١٣] وَ"يضيقَ"، وَمِنْهَا مَا لَا تَتَغَيَّرُ صُورَتُهُ وَيَخْتَلِفُ مَعْنَاهُ مِثْلَ: ﴿فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا﴾ [سَبَأٍ: ١٩] وَ"باعَدَ بَيْنَ أَسْفَارِنَا"، وَقَدْ يَكُونُ الِاخْتِلَافُ فِي الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى بِالْحَرْفِ مِثْلَ: ﴿نُنْشِزُهَا﴾ [الْبَقَرَةِ: ٢٥٩]، وَ"نَنشُرُها" (٢) أَوْ بِالْكَلِمَةِ مَعَ بَقَاءِ الْمَعْنَى [مِثْلَ] (٣) ﴿كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ﴾ [الْقَارِعَةِ: ٥]، أَوْ "كَالصُّوفِ الْمَنْفُوشِ" أَوْ بِاخْتِلَافِ الْكَلِمَةِ بِالتَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ مِثْلَ: ﴿وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ﴾ [ق: ١٩]، أَوْ "سَكْرَةُ الْحَقِّ بِالْمَوْتِ"، أَوْ بِالزِّيَادَةِ مِثْلَ "تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أُنْثَى"، "وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ كَافِرًا وَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ" (٤) . "فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ لَهُنَّ غَفُورٌ".
الْقَوْلُ الْخَامِسُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَحْرُفِ السَّبْعَةِ مَعَانِي الْقُرْآنِ وَهِيَ: أَمْرٌ، وَنَهْيٌ، وَوَعْدٌ، وَوَعِيدٌ، وَقَصَصٌ، وَمُجَادَلَةٌ، وَأَمْثَالٌ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَا تُسَمَّى حُرُوفًا، وَأَيْضًا فَالْإِجْمَاعُ أَنَّ التَّوْسِعَةَ لَمْ تَقَعْ فِي تَحْلِيلِ حَلَالٍ (٥) وَلَا فِي تَغْيِيرِ شَيْءٍ مِنَ الْمَعَانِي، وَقَدْ أَوْرَدَ الْقَاضِي الْبَاقِلَّانِيُّ فِي هَذَا حَدِيثًا، ثُمَّ قَالَ: وَلَيْسَتْ هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَجَازَ لَهُمُ القراء (٦) بها (٧) .
(١) في جـ: "بلسان". (٢) في جـ: "ينشرها". (٣) زيادة من ط. (٤) كذا في جـ، ط. (٥) في جـ: "حرام". (٦) في جـ: "القراءة". (٧) تفسير القرطبي (١/ ٤٢- ٤٧) .
فَصْلٌ
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: قَالَ كَثِيرٌ مِنْ عُلَمَائِنَا كَالدَّاوُدِيِّ وَابْنِ أَبِي صُفْرَةَ وَغَيْرِهِمَا: هَذِهِ الْقِرَاءَاتُ السَّبْعُ الَّتِي تُنْسَبُ لِهَؤُلَاءِ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ لَيْسَتْ هِيَ الْأَحْرُفَ السَّبْعَةَ الَّتِي اتَّسَعَتِ الصَّحَابَةُ فِي الْقِرَاءَةِ بِهَا، وَإِنَّمَا هِيَ رَاجِعَةٌ إِلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ مِنَ السَّبْعَةِ وَهُوَ الَّذِي جَمَعَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ الْمُصْحَفَ. ذَكَرَهُ ابْنُ النَّحَّاسِ وَغَيْرُهُ.
قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَقَدْ سَوَّغَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْقُرَّاءِ السَّبْعَةِ قِرَاءَةَ الْآخَرِ وَأَجَازَهَا، وَإِنَّمَا اخْتَارَ الْقِرَاءَةَ الْمَنْسُوبَةَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ رَآهَا أَحْسَنَ وَالْأَوْلَى (١) عِنْدَهُ. قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ فِي هَذِهِ الْأَمْصَارِ عَلَى الِاعْتِمَادِ عَلَى مَا صَحَّ عَنْ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ فِيمَا رَوَوْهُ وَرَأَوْهُ مِنَ الْقِرَاءَاتِ، وَكَتَبُوا فِي ذَلِكَ مُصَنَّفَاتٍ وَاسْتَمَرَّ الْإِجْمَاعُ عَلَى الصَّوَابِ وَحَصَلَ مَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ مِنْ حِفْظِ الكتاب (٢) .
قال البخاري، ﵀:
(١) في م: "وأولى". (٢) تفسير القرطبي (١/ ٤٦) .
1 / 46