86

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير

Penyiasat

سامي بن محمد السلامة

Penerbit

دار طيبة للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1420 AH

Genre-genre

Tafsiran
لَهُ فِي ذَلِكَ مَنْهَجٌ وَأُسْلُوبٌ فِي الْكِتَابَةِ، ثُمَّ قَرَّبَهَا عَلِيُّ بْنُ هِلَالٍ الْبَغْدَادِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْبَوَّابِ وَسَلَكَ النَّاسُ وَرَاءَهُ. وَطَرِيقَتُهُ فِي ذَلِكَ وَاضِحَةٌ جَيِّدَةٌ. وَالْغَرَضُ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَمَّا كَانَتْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ لَمْ تُحْكَمْ جَيِّدًا، وَقَعَ فِي كِتَابَةِ الْمَصَاحِفِ اخْتِلَافٌ فِي وَضْعِ الْكَلِمَاتِ مِنْ حَيْثُ صِنَاعَةِ الْكِتَابَةِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَصَنَّفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ، وَاعْتَنَى بِذَلِكَ الْإِمَامُ الْكَبِيرُ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، ﵀، فِي كِتَابِهِ فَضَائِلُ الْقُرْآنِ (١) وَالْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، ﵀، فَبَوَّبَا عَلَى ذَلِكَ (٢) وَذَكَرَ قِطْعَةً صَالِحَةً هِيَ مِنْ صِنَاعَةِ الْقُرْآنِ، لَيْسَتْ مَقْصِدَنَا هَاهُنَا؛ وَلِهَذَا نَصَّ الْإِمَامُ مَالِكٌ، ﵀، عَلَى أَنَّهُ لَا تُوضَعُ الْمَصَاحِفُ إِلَّا عَلَى وَضْعِ كِتَابَةِ الْإِمَامِ، وَرَخَّصَ فِي ذَلِكَ غَيْرُهُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الشَّكْلِ وَالنَّقْطِ فَمِنْ مُرَخِّصٍ وَمِنْ مَانِعٍ، فَأَمَّا كِتَابَةُ السُّوَرِ وَآيَاتِهَا وَالتَّعْشِيرُ وَالْأَجْزَاءُ وَالْأَحْزَابُ فَكَثِيرٌ (٣) فِي مَصَاحِفَ زَمَانِنَا، وَالْأَوْلَى اتِّبَاعُ السَّلَفِ الصَّالِحِ. ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ: ذِكْرُ كُتَّاب النَّبِيِّ ﷺ. وَأَوْرَدَ فِيهِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنِ ابْنِ السَّبَّاقِ، عَنْ زَيْدِ ابن ثَابِتٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ قَالَ لَهُ: وَكُنْتَ تَكْتُبُ الْوَحْيَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ فِي (٤) جَمْعِهِ لِلْقُرْآنِ (٥) وَقَدْ تَقَدَّمَ، وَأَوْرَدَ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي نُزُولِ: ﴿لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ﴾ [النِّسَاءِ: ٩٥] (٦) وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَمْ يَذْكُرِ الْبُخَارِيُّ أَحَدًا مِنَ الْكِتَابِ فِي هَذَا الْبَابِ سِوَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَهَذَا عَجَبٌ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ لَهُ حَدِيثٌ يُورِدُهُ سِوَى هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَمَوْضِعُ هَذَا فِي كِتَابِ السِّيرَةِ عِنْدَ ذِكْرِ كتَّابه ﵇. ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ، ﵀:

(١) فضائل القرآن (ص ٢٣٧- ٢٤٣) . (٢) المصاحف (ص ١٤٥- ١٧٦) . (٣) في ط، جـ: "فكثر". (٤) في جـ: "من". (٥) صحيح البخاري برقم (٤٩٨٩) . (٦) صحيح البخاري برقم (٤٩٩٠) .

أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عَقِيلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؛ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ حَدَّثَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " أَقْرَأَنِي جِبْرِيلُ عَلَى حَرْفٍ فَرَاجَعْتُهُ، فَلَمْ أَزَلْ أَسْتَزِيدُهُ وَيَزِيدُنِي حَتَّى انْتَهَى إِلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ " (١) . وَقَدْ رَوَاهُ -أَيْضًا-فِي بَدْءِ الْخَلْقِ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ يُونُسَ، وَمُسْلِمٌ -أَيْضًا-مِنْ حَدِيثِ مَعْمَرٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِيِّ بِنَحْوِهِ (٢) وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ بِهِ (٣) ثُمَّ قَالَ الزُّهْرِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ تِلْكَ السَّبْعَةَ الْأَحْرُفَ إِنَّمَا هِيَ فِي الْأَمْرِ الَّذِي يَكُونُ وَاحِدًا لَا تَخْتَلِفُ فِي حَلَالٍ وَلَا فِي حرام.

(١) صحيح البخاري برقم (٤٩٩١) . (٢) في جـ: "نحوه". (٣) صحيح البخاري برقم (٣٢١٩) وصحيح مسلم برقم (٨١٩) وتفسير الطبري (١/ ٢٩) .

1 / 35