184

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير

Editor

سامي بن محمد السلامة

Penerbit

دار طيبة للنشر والتوزيع

Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1420 AH

Genre-genre

Tafsiran
"خَلَقَ اللَّهُ أَلْفَ أُمَّةٍ، سِتُّمِائَةٍ فِي الْبَحْرِ وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِي الْبَرِّ، فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَهْلِكُ مِنْ هَذِهِ الْأُمَمِ الْجَرَادُ، فَإِذَا هَلَكَ (١) تَتَابَعَتْ مِثْلَ النِّظَامِ إِذَا قُطِعَ سِلْكُهُ" (٢) . مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى هَذَا -وَهُوَ الْهِلَالِيُّ-ضَعِيفٌ.
وَحَكَى الْبَغَوِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: لِلَّهِ أَلْفُ عالَم؛ سِتُّمِائَةٍ فِي الْبَحْرِ وَأَرْبَعُمِائَةٍ فِي الْبَرِّ، وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: لِلَّهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ أَلْفَ عالَم؛ الدُّنْيَا عَالَمٌ مِنْهَا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْعَوَالِمُ ثَمَانُونَ أَلْفًا. وَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ: لَا يَعْلَمُ عَدَدَ الْعَوَالِمِ إِلَّا اللَّهُ ﷿. نَقَلَهُ كُلَّهُ الْبَغَوِيُّ، وَحَكَى الْقُرْطُبِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ عَالَمٍ؛ الدُّنْيَا مِنْ شَرْقِهَا إِلَى مَغْرِبِهَا عَالَمٌ وَاحِدٌ مِنْهَا، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْعَالَمُ كُلُّ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ شَامِلٌ لِكُلِّ الْعَالَمِينَ؛ كَقَوْلِهِ: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ وَالْعَالَمُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْعَلَامَةِ (قُلْتُ): لِأَنَّهُ عِلْمٌ دَالٌّ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ وَصَانِعِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ:
فَيَا عَجَبًا كَيْفَ يُعْصَى الْإِلَهُ ... أَمْ كَيْفَ يَجْحَدُهُ الْجَاحِدُ
وَفِي كُلِّ شَيْءٍ لَهُ آيَةً ... تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ
﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (٣)﴾ .
وَقَوْلُهُ: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْبَسْمَلَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ.
﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)﴾
قَرَأَ بَعْضُ الْقُرَّاءِ: ﴿مَلِك يَوْمِ الدِّينِ﴾ وَقَرَأَ آخَرُونَ: ﴿مَالِكِ﴾ (٣) . وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ مُتَوَاتِرٌ فِي السَّبْعِ.
[وَيُقَالُ: مَلِيكٌ أَيْضًا، وَأَشْبَعَ نَافِعٌ كَسْرَةَ الْكَافِ فَقَرَأَ: "مَلَكِي يَوْمِ الدِّينِ" وَقَدْ رَجَّحَ كُلًّا مِنَ الْقِرَاءَتَيْنِ مُرَجِّحُونَ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، وَكِلَاهُمَا صَحِيحَةٌ حَسَنَةٌ، وَرَجَّحَ الزَّمَخْشَرِيُّ مَلِكِ؛ لِأَنَّهَا قِرَاءَةُ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَلِقَوْلِهِ: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ﴾ وَقَوْلُهُ: ﴿قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ﴾ وَحُكِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَرَأَ "مَلَكَ يومَ الدِّينِ" عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ وَفَاعِلٌ وَمَفْعُولٌ، وَهَذَا شَاذٌّ غَرِيبٌ جِدًّا] (٤) . وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ فِي ذَلِكَ شَيْئًا غَرِيبًا حَيْثُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأذْرَمِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ عَدِيِّ (٥) بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ أَبِي الْمُطَرِّفِ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَمُعَاوِيَةَ وَابْنَهُ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ كَانُوا يَقْرَءُونَ: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ وَأَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَ "مَلِكِ" مَرْوَانُ (٦) . قُلْتُ: مَرْوَانُ عِنْدَهُ عِلْمٌ بِصِحَّةِ مَا قَرَأَهُ، لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ ابْنُ شِهَابٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ أَوْرَدَهَا ابْنُ مَرْدُويه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقْرَؤُهَا: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ (٧) وَمَالِكُ مَأْخُوذٌ مِنَ الملْك، كَمَا قَالَ: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الأرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ [مَرْيَمَ: ٤٠] وَقَالَ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ﴾ [النَّاسِ: ١، ٢] وَمَلِكٌ: مَأْخُوذٌ مِنَ الْمُلْكِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غَافِرٍ: ١٦] وَقَالَ: ﴿قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ﴾ [الْأَنْعَامِ: ٧٣] وَقَالَ: ﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا﴾ [الفرقان: ٢٦] .

(١) في جـ، ط، ب: "هلكت".
(٢) ورواه ابن عدي في الكامل (٥/٣٥٢)، (٦/٢٤٥) والخطيب في تاريخه (١١/٢١٨) من طريق عبيد بن واقد به نحوه. وقال ابن عدي: "قال عمرو بن علي: محمد بن عيسى بصري صاحب محمد بن المنكدر، ضعيف منكر الحديث، روى عن محمد بن المنكدر، عن جابر، عن عمر، عن النبي ﷺ في "الجراد". وقال ابن عدي أيضا: "عبيد بن واقد لا يتابع عليه".
(٣) في جـ، ط، ب: قرأ بعض القراء: "مالك" وقرأ آخرون: "ملك".
(٤) زيادة من جـ، ط، أ، و.
(٥) في هـ: "عبد الوهاب بن عدي بن الفضل".
(٦) المصاحف لابن أبي داود (ص ١٠٤) .
(٧) ورواه أبو بكر بن أبي داود في المصاحف (ص ١٠٥) والحاكم في المستدرك (٢/٢٣٢) من طريق ابن فضيل عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قرأ: "ملك يوم الدين" زاد ابن أبي حاتم: "أو قال: "مالك". ورواه أبو بكر بن أبي داود في المصاحف (ص ١٠٥) والحاكم في المستدرك (٢/٢٣٢) من طريق ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة أن النبي ﷺ كان يقرأ: "ملك يوم الدين".

1 / 133