152

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير

Editor

سامي بن محمد السلامة

Penerbit

دار طيبة للنشر والتوزيع

Nombor Edisi

الثانية

Tahun Penerbitan

1420 AH

Genre-genre

Tafsiran
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
فَاتِحَةُ الْكِتَابِ
يُقَالُ لَهَا: الْفَاتِحَةُ، أَيْ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ خَطًّا، وَبِهَا تُفْتَحُ (١) الْقِرَاءَةُ فِي الصَّلَاةِ (٢) وَيُقَالُ لَهَا أَيْضًا: أُمُّ الْكِتَابِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَكَرِهَ أَنَسٌ، وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ كَرِهَا تَسْمِيَتَهَا بِذَلِكَ، قَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ: إِنَّمَا ذَلِكَ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: الْآيَاتُ الْمُحْكَمَاتُ: هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ، وَلِذَا كَرِهَا (٣) -أَيْضًا -أَنْ يُقَالَ لَهَا أُمُّ الْقُرْآنِ وَقَدْ ثَبَتَ فِي [الْحَدِيثِ] (٤) الصَّحِيحِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ أُمُّ الْقُرْآنِ وَأُمُّ الْكِتَابِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ " وَيُقَالُ لَهَا: الْحَمْدُ، وَيُقَالُ لَهَا: الصَّلَاةُ، لِقَوْلِهِ ﵇ (٥) عَنْ رَبِّهِ: " قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي " الْحَدِيثَ. فَسُمِّيَتِ الْفَاتِحَةُ: صَلَاةً؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِيهَا. وَيُقَالُ لَهَا: الشِّفَاءُ؛ لِمَا رَوَاهُ الدَّارِمِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا: " فَاتِحَةُ الْكِتَابِ شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ سُمٍّ (٦) ". وَيُقَالُ لَهَا: الرُّقْيَةُ؛ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي الصَّحِيحِ حِينَ رَقَى بِهَا الرَّجُلَ السَّلِيمَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ؟ ". وَرَوَى الشَّعْبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سَمَّاهَا: أَسَاسَ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَأَسَاسُهَا (٧) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَسَمَّاهَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: الْوَاقِيَةُ. وَسَمَّاهَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: الْكَافِيَةُ؛ لِأَنَّهَا تَكْفِي عَمَّا عَدَاهَا وَلَا يَكْفِي مَا سِوَاهَا عَنْهَا، كَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ الْمُرْسَلَةِ: " أُمُّ الْقُرْآنِ عِوَضٌ مِنْ غَيْرِهَا، وَلَيْسَ غَيْرُهَا عِوَضًا عَنْهَا " (٨) . وَيُقَالُ لَهَا: سُورَةُ الصَّلَاةِ وَالْكَنْزِ ذَكَرَهُمَا الزَّمَخْشَرِيُّ فِي كَشَّافِهِ. وَهِيَ مَكِّيَّةٌ، قَالَهُ (٩) ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَقِيلَ مَدَنِيَّةٌ، قَالَهُ (١٠) أَبُو هُرَيْرَةَ وَمُجَاهِدٌ وَعَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَالزُّهْرِيُّ. وَيُقَالُ: نَزَلَتْ مَرَّتَيْنِ: مَرَّةً بِمَكَّةَ، وَمَرَّةً بِالْمَدِينَةِ، وَالْأَوَّلُ أَشْبَهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي﴾ [الْحِجْرِ: ٨٧]، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (١١) . وَحَكَى أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ أَنَّ نِصْفَهَا نَزَلَ بِمَكَّةَ وَنِصْفَهَا الْآخَرَ نَزَلَ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا، نَقْلَهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْهُ. وَهِيَ سَبْعُ آيَاتٍ بِلَا خِلَافٍ، [وَقَالَ عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ: ثَمَانٌ، وَقَالَ حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ: سِتَّةٌ (١٢) وَهَذَانَ شَاذَّانِ] (١٣) . وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْبَسْمَلَةِ: هَلْ هِيَ آيَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ مِنْ أَوَّلِهَا كَمَا هُوَ عِنْدَ جُمْهُورِ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ وَقَوْلُ الْجَمَاعَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَخَلْقٌ مِنَ الْخَلَفِ، أَوْ بَعْضُ آيَةٍ أَوْ لَا تُعَدُّ مِنْ أَوَّلِهَا بِالْكُلِّيَّةِ، كَمَا هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مِنَ الْقُرَّاءِ وَالْفُقَهَاءِ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، سَيَأْتِي تَقْرِيرُهُ (١٤) فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِهِ الثقة.

(١) في أ: "يفتتح".
(٢) في أ: "الصلوات".
(٣) في أ: "كذا".
(٤) زيادة من أ.
(٥) في أ: "ﷺ".
(٦) في أ: "اسم".
(٧) في أ: "وأساسها".
(٨) ورواه البيهقي في السنن الكبرى (٢/١٦٥) من طريق مكحول عن عبادة به مرسلا، ورواه الحاكم في المستدرك (١/٢٣٨) من طريق الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة به مرفوعا بهذا اللفظ، وهذا غير محفوظ. وقد جاء من طريق أخرى موصولة ذكرها الفاضل محمد طرهوني فى كتابه "موسوعة فضائل القرآن" (١/٤٠-٤٣)
(٩) في أ: "قال".
(١٠) في أ: "قال".
(١١) في جـ: "والله تعالى أعلم".
(١٢) في أ: "ست".
(١٣) زيادة من جـ.
(١٤) في أ: "تقريرها".

1 / 101