Tafsir Bayan Kebahagiaan
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genre-genre
{ وإذ جعلنا البيت } الكعبة فان اللام للعهد الخارجى او القلب فانه المعهود بين المتخاطبين المنظور اليه لهما والمتراجع اليه ومحل الجزاء له (ص) وللخلق حقيقة، والكعبة لما كانت صورته جعلت بالمواضعة متراجعا اليها ومحلا لجزاء الراجع اليها { مثابة } محل ثواب وجزاء ومحل رجوع { للناس وأمنا } لا يصطاد صيدها ولا يعنف الجانى المستجير بها، والبلد الطيب، والحرم بحسب التأويل صورة النفس المطمئنة والصدر المنشرح، ويسرى حكم البيت الى المسجد والحرم بمجاورتهما له، وهكذا حال النفس والصدر وسيأتى تحقيق البيت ومظهريته للقلب والمناسبة بين مناسك الكعبة ومناسك القلب { واتخذوا } عطف على جعلنا بتقدير قلنا او عطف على عامل اذا ومعترضة معطوفة على مقدر كأنه قيل بعد ما قال جعلنا البيت مثابة وأمنا فما نصنع؟ - قال: ارجوا اليه واتخذوا { من مقام إبراهيم } هو الحجر الذى عليه أثر قدم ابراهيم (ع) { مصلى } محلا للدعاء او للصلاة التى هى فريضة الحج، او للصلاة النافلة؛ روى عن الباقر (ع) أنه قال (ع): ما فرية اهل الشام على الله تعالى يزعمون ان الله تبارك وتعالى حيث صعد الى السماء وضع قدمه على صخرة بيت المقدس ولقد وضع عبد من عباد الله قدمه على صخرة فأمرنا الله ان نتخذه مصلى، وروى أنه نزلت ثلاثة احجار من الجنة، مقام ابراهيم (ع)، وحجر بنى اسرائيل، والحجر الاسود { وعهدنآ } اوصينا { إلى إبراهيم } عليه السلام { وإسماعيل } عليه السلام { أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود } ولعلك تفطنت بتعميم البيت والتطهير والطائف والعاكف والراكع والساجد وروى عن الصادق (ع) ان المعنى نحيا عنه المشركين وروى أنه سئل يغتسلن النساء اذا أتين البيت؟ - قال: نعم ان الله يقول : طهرا بيتى؛ الآية، فينبغى للعبد ان لا يدخل الا وهو طاهر قد غسل عنه العرق والأذى وتطهر.
[2.126]
{ وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا } البلد الذى هو مكة او هذا الصدر الذى صار مكة مظهرا له على ما سبق الاشارة اليه { بلدا آمنا } من تغلب المتغلبين بمحض الارادة ومن اقتصاص الجانى الملتجئ اليه ومن اصطياد صيده بالمواضعة التكليفية ومن شر الشياطين من الانس والجن ومن استراق السمع بحافظيتك اذا اريد البلد الذى هو الصدر المنشرح { وارزق أهله من الثمرات } اهل بلد مكة من ثمرات الدنيا كما نقل انه يوجد فيه ثمرات الصيف والشتاء فى وقت واحد. وروى ان ابراهيم لما دعا بهذا الدعاء أمر الله تعالى بقطعة من الاردن فسارت بثمارها حتى طافت بالبيت ثم أمرها ان تنصرف الى هذا الموضع الذى سمى بالطائف ولذلك سمى طائفا. وعن الباقر (ع) ان الثمرات تحمل اليهم من الآفاق وقد استجاب الله له حتى لا توجد فى بلاد المشرق والمغرب ثمرة لا توجد فيها حتى حكى انه يوجد فيها فى يوم واحد فواكه ربيعية وصيفية وخريفية وشتائية وعن الصادق (ع) يعنى من ثمرات القلوب اى حبهم الى الناس ليأتوا اليهم ويعودوا، وهذا بيان لتأويل الثمرات وعلى تأويل البلد فالمعنى وارزق أهله من ثمرات العلوم ومن ثمرات القلوب وثمرات القلوب ان تتولاهم وتقبل ولايتهم { من آمن منهم بالله واليوم الآخر } بدل من أهله نسب الى السجاد (ع) أنه قال: ان المقصود منهم الائمة من آل محمد (ص) وشيعتهم { قال ومن كفر } عطف على من آمن على ان يكون البدل بدل الكل من الكل بدلا تفصيليا يكون تتميمة من الله ويكون قوله تعالى: { فأمتعه } اول كلام من الله، او من كفر ابتداء كمال من الله معطوف على مقدر جواب لمسؤل ابراهيم (ع) كأنه تعالى قال اجابة لمسؤله من آمن أرزقه ومن كفر فانا أمتعه؛ على ان يكون من شرطية ودخول الفاء فى المضارع المثبت مع عدم جوازه بتقدير أنا، ورفعه لكون الشرط ماضيا، او من موصولة ودخول الفاء فى الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط، وترتب التمتيع على الكفر باعتبار التقييد بالقلة وتعقيب الاضطرار الى العذاب { قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير } نسب الى السجاد (ع) انه قال: عنى بذلك من جحد وصيه ولم يتبعه من أمته كذلك والله هذه الأمة.
[2.127]
{ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل } قائلين { ربنا تقبل منآ } بناء البيت بأمرك طلبا لرضاك { إنك أنت السميع } لدعائنا { العليم } بأعمالنا ونياتنا، عن الصادق (ع) ان اسماعيل (ع) لما بلغ مبلغ الرجال أمر الله ابراهيم (ع) ان يبنى البيت فقال: يا رب فى أى بقعة؟ - قال: فى البقعة التى أنزلت بها على آدم، القبة، فأضاء لها الحرم فلم يدر ابراهيم (ع) فى اى موضع يبنيه فان القبة التى أنزلها الله على آدم كانت قائمة الى ايام الطوفان فلما غرقت الدنيا رفع الله تلك القبة وبقى موضعها لم يغرق ولهذا سمى البيت العتيق لأنه أعتق عن الغرق، فبعث الله جبرئيل (ع) فخط له موضع البيت فأنزل الله عليه القواعد من الجنة وكان الحجر لما أنزله الله على آدم (ع) أشد بياضا من الثلج فلما مسته أيدى الكفار اسود، فبنى ابراهيم (ع) البيت ونقل اسماعيل الحجر من ذى طوى فرفعه فى السماء تسعة أذرع ثم دله على موضع الحجر فاستخرجه ابراهيم (ع) ووضعه فى الموضع الذى هو فيه الآن فلما بنى جعل له بابين، بابا الى المشرق وبابا الى المغرب يسمى المستجار ثم القى عليه الشجر والاذخر وعلقت هاجر على بابه كساء كان معها، وكانوا يكتسون تحته. وفى خبر انه قال (ع): يا بنى قد أمرنا الله ببناء الكعبة وكشفا عنها فاذا هو حجر واحد أحمر فأوحى الله اليه ضع بنائها عليه وأنزل الله اربعة املاك يجمعون اليه الحجارة فكان ابراهيم (ع) واسماعيل (ع) يضعان الحجارة والملائكة تناولهما حتى تمت اثنى عشر ذراعا وهيئا له بابين. وفى حديث فنادى ابو قبيس ابراهيم (ع) ان لك عندى وديعة فأعطاه الحجر فوضعه موضعه. وفى خبر آخر: كان البيت درة بيضاء فرفعه الله الى السماء وبقى أساسه فهو بحيال هذا البيت يدخله كل يوم سبعون الف ملك لا يرجعون اليه أبدا، وفى خبر ان اسماعيل (ع) اول من شق لسانه بالعربية.
[2.128]
{ ربنا واجعلنا مسلمين لك } من أسلم بمعنى انقاد او من أسلم بمعنى اخلص يعنى صار ذا سلامة من آفات النفس وشرورها، واما أسلم بمعنى صار مسلما وداخلا فى ملة الاسلام فانه من المشتقات الجعلية المأخوذة بعد اشتهار ملة الاسلام { ومن ذريتنآ } الجسمانية والروحانية او الجسمانية فقط فانهم أولى بالشفقة ومن للتبعيض وهو مع قوله تعالى { أمة مسلمة لك } عطف على مفعولى اجعل او من للبيان وامة ومسلمة عطف على مفعولى اجعل ومن ذريتنا حال عن الامة او مسلمة صفة أمة ولك فى مقام المفعول الثانى ومن ذريتنا حال عما بعده. وفى بعض الأخبار ان المراد أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وفى رواية أراد بنى هاشم خاصة { وأرنا } أعلمنا { مناسكنا } محال اعمالنا للحج او محال عباداتنا على ان يكون جمع المنسك اسم المكان، او عباداتنا على ان يكون جمع المنسك مصدرا ميميا والنسك بتثليث النون واسكان السين او بضمتين العبادة او اعمال الحج مخصوصا { وتب علينآ إنك أنت التواب الرحيم } قد مضى بيان لتوبة العبد وتوبة الرب عند قوله تعالى:
إنه هو التواب الرحيم
[البقرة: 37].
[2.129]
Halaman tidak diketahui