Tafsir Bayan Kebahagiaan
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
Genre-genre
{ وإذ قلتم } واذكروا اتى بالخطاب لمجانسة الحاضرين للماضين فى الانكار والكفران { ياموسى لن نصبر على طعام واحد } يعنى قال اسلافكم فى التيه لن نصبر على المن والسلوى ولا بد لنا من غذاء آخر معهما { فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها } البقل ما يؤكل من نبات الارض خضرا مثل الكراث والنعناع والكرفس ونحوها ويطلق على مطلق نبات اخضرت به الارض { وقثآئها } بالمد وتشديد الثاء وكسر القاف وقد يضم الخيار، وبعضهم يطلق القثاء على نوع شبه الخيار { وفومها } الحنطة او الخبز او مطلق الحبوب المأكولة وقيل الثوم وقرء بالثاء { وعدسها وبصلها } قال الله تعالى او موسى (ع) { أتستبدلون الذي هو أدنى } وادون مرتبة من المن والسلوى { بالذي هو خير } فانهما ألذ وأقوى وألطف { اهبطوا } من هذه التيه { مصرا } من الامصار او المراد المصر العلمى وصرفه لسكون اوسطه { فإن لكم } فيها { ما سألتم } من البقول والقثاء والفوم وغيرها { وضربت عليهم الذلة } الهوان شبه الذلة المضروبة عليهم بالقبة لاحاطتها بهم من جميع الجوانب او بالطين المضروب الملصق على الجدار ثم استعمل الضرب فيها { والمسكنة } هى اسوء من الفقر وهذا عذابهم فى الحياة الدنيا وذلك انه ما ينفك اليهود عن الحرص والطمع وهما أعظم أسباب الذلة والحاجة وهم فى الظاهر أسوأ حالا من النصارى { وبآءو بغضب من الله } رجعوا عن مقام السؤال متلبسين بغضب عظيم من الله، او صاروا أحقاء بغضب من الله فى الآخرة { ذلك } المذكور من ضرب الذلة والمسكنة والرجوع بالغضب يا أمة محمد (ص) فانه للتعريض بهم { بأنهم كانوا يكفرون } تخلل كانوا للاشارة الى ان الكفر صار سجية لهم وكذا قتل الانبياء { بآيات الله } صغيرها وكبريها فى العالم الصغير والكبير، والآيات الكبرى هم الانبياء (ص) والاولياء (ع) { ويقتلون النبيين } المخبرين من الله سواء كانوا انبياء او خلفاءهم او النبيين المخصوصين الذين هم غير الاوصياء { بغير الحق } لمحض البيان فانه لا يقتل نبى بالحق { ذلك } الكفر بالآيات والقتل { بما عصوا } الله وخلفائه { وكانوا يعتدون } على الخلفاء او يتجاوزون أمر الله، وتخلل كانوا للاشارة الى تمكنهم فى الاعتداء والمقصود ان العصيان صار سببا للاعتداء والتمكن فيه، والتمكن فى الاعتداء صار سببا للكفر والقتل، وهما صارا سببا للذلة والمسكنة والغضب؛ فاحذروا يا امة محمد (ص) من مقارفة صغار الذنوب حتى لا تؤدى الى أكبرها والى العقوبة بالذلة والمسكنة فى الدنيا والغضب فى الآخرة، او بكل منها فيهما ونسب الى النبى (ص) انه قال:
" يا عباد الله فاحذروا الانهماك فى المعاصى والتهاون بها فان المعاصى يستولى بها الخذلان على صاحبها حتى توقعه فيما هو أعظم منها "
؛ فلا يزال يعصى ويتهاون ويخذل ويوقع فيما هو أعظم مما جنى حتى توقعه فى رد ولاية وصى رسول الله (ع) ودفع نبوة نبى الله (ص)، ولا يزال ايضا بذلك حتى توقعه فى دفع توحيد الله والالحاد فى دين الله، وعن الصادق (ع) انه قال: والله ما ضربوهم بأيديهم ولا قتلوهم بأسيافهم ولكن سمعوا أحاديثهم فأذاعوها فأخذوا عليها فقتلوا فصار قتلا باعتداء ومعصية وبهذا المضمون أخبار كثيرة.
[2.62]
{ إن الذين آمنوا } بالايمان العام الذى هو نفس البيعة العامة او الحاصل بالبيعة العامة او الشبيه بالحالة الحاصلة من البيعة العامة كما سبق مفصلا والحاصل أن المراد بالايمان هذا هو معنى الاسلام { والذين هادوا } هاد وتهود وسائر متصرفاتهما من المشتقات الجعلية المأخوذة من اليهود بمعنى دخل فى اليهودية او انتحلها، ويهود اما عربى من هاد اذا تاب؛ سموا به لأنهم تابوا على يد نبيهم، او لأنهم تابوا عن عبادة العجل، واما معرب يهودا أكبر اولاد يعقوب سموا باسمه { والنصارى } والذين تنصروا عدل عن الموصول وصلته لان نصر لم يستعمل مأخوذا من النصرانية ومعناه اللغوى غير مقصود وتنصروا ان كان من المشتقات الجعلية المأخوذة من النصرانية لكن الاغلب استعماله فى انتحال النصرانية لا فى الدخول فيها، والنصارى جمع النصران كالسكارى والسكران وصف مأخوذ من نصر؛ سموا به لأنهم نصروا عيسى (ع)، او مأخوذ جعلى من الناصرة، او من النصرانة اسم قرية نزلتها مريم وعيسى (ع) بعد رجوعهما من مصر، واجتمع النصارى فيها، والياء فى النصرانى للمبالغة او للنسبة على الاخير { والصابئين } عبدة الكواكب سموا به لأنهم صبوا اى مالوا الى دين الله او عن دين الله ان قرء بدون الهمزة او لانهم صبئوا عن دين الله او صبؤا الى دين الله اى خرجوا ان قرأ بالهمزة وعدل عن الموصول لما ذكر فى النصارى { من آمن } منهم { بالله } بالايمان الخاص الحاصل بالبيعة الخاصة الولاية وقبول الدعوة الباطنة ودخول الايمان فى القلب ودخول الانسان فى دار الايمان وقبول الولاية واحكام القلب او المراد بالايمان معناه اللغوى اى من أذعن بالله او بعلى (ع) لانه مظهره، او المراد بالايمان الاسلام اى من آمن بالبيعة العامة وقبول الدعوة الظاهرة بالله، { واليوم الآخر وعمل صالحا } اى عمل الاعمال المأخوذة عليه فى بيعته على المعنى الاول للايمان، او المراد بالعمل الصالح على المعنيين الأخيرين للايمان البيعة الخاصة الولاية فانها اصل الاعمال الصالحة وبدونها لا يكون عمل صالح اصلا { فلهم أجرهم } اى الاجر الذى ينبغى ان يكون لهم ولا يمكن معرفته الا بالاضافة اليهم { عند ربهم } والتقييد بكونه عند ربهم تعظيم آخر للاجر والمقصود ان الاسلام واليهودية والنصرانية والصابئية متساوية فى ثبوت الاجر العظيم اذا انتهى كل منها الى الولاية وقبول الدعوة الباطنة ودخول الايمان فى القلب، واذا لم ينته الى الولاية فالعبارة تدل بمفهوم المخالفة على ان لا اجر عند ربهم لشيئ منها سواء لم يكن أجر او كان ولكن لم يكن عند ربهم، وتفصيل هذا الاجمال كما يستفاد من الآيات والاخبار ان من أنكر الولاية فله عقوبته، ومن لم ينكر ولم يذعن فهو مرجئ لأمر الله؛ اما يعذبه واما يتوب عليه سواء كان المنكر مسلما او غيره، ومن لم ينكر ولم يذعن ولكن كان فى زمان الرسول ووقف على البيعة العامة كان ناجيا ببيعته العامة مع الرسول فان الله لا يلته من أعماله شيئا { ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قد مضى بيان مفصل لهذه الآية فلا نعيده.
[2.63]
{ وإذ أخذنا ميثاقكم } اى على أيدى أنبيائكم او خلفائهم، والمراد بالميثاق هو العهد المأخوذ فى البيعة العامة او الخاصة، والاضافة للعهد اى الميثاق المأخوذ بنبوة محمد (ص) وولاية على (ع) او الميثاق المأخوذ بالتوحيد والنبوة والاقرار بما جاء به نبيهم ومنه نبوة محمد (ص) وولاية على (ع) وان يؤدوه الى اخلافهم ولذا ورد تفسير الميثاق بهما اما لكونهما مذكورين فى البيعة او لكون الاقرار بنبوة كل نبى وولاية كل ولى اقرارا بنبوة محمد (ص) وولايته على (ع) لكون نبوة الانبياء وولاية الاولياء رقائق لنبوة محمد (ص) وولاية على (ع) والرقيقة جزئية من الحقيقة كما انها كل بالنسبة اليها والاقرار بالجزئى اقرار بالكلى كما ان الاقرار بالكل اقرار بالجزء { ورفعنا فوقكم الطور } اى الجبل امر الله جبرئيل ان يقلع من جبل فلسطين قطعة على قدر معسكر بنى اسرائيل فقلعها ورفعها فوق رؤسهم قائلين على لسان نبينا { خذوا مآ آتيناكم } من الاحكام مطلقة او من الاحكام التى آتيناكم فى الميثاق بحسب القالب او القلب او من التوراة او من نبوة محمد (ص) وولاية على (ع) { بقوة } من قلوبكم وابدانكم. قيل: قال لهم موسى: اما ان تأخذوا بما أمرتم واما ان ألقى عليكم هذا الجبل فألجئوا الى قبوله كارهين الا من عصمه الله ثم لما قبلوا سجدوا وعفروا وكثير منهم عفر خديه لا لارادة الخضوع لله ولكن نظرا الى الجبل هل يقع ام لا { واذكروا ما فيه } اى فى الميثاق من الشروط او من الاحكام القالبية او القلبية او من ثواب الموافق وعقاب المخالف، او اذكروا ما فى رفع الطور ووقوعه، او اذكروا ما فيما آتيناكم من الثواب والعقاب او الاحكام، ونسب الى الصادق (ع) انه قال: واذكروا ما فى تركه من العقوبة { لعلكم تتقون } اى اذكروا ما أمرناكم لعلكم تتقون المخالفة.
[2.64]
{ ثم توليتم من بعد ذلك } عن الذكر او عن الأخذ او عن الميثاق او عن الوفاء بشروط الميثاق { فلولا فضل الله عليكم ورحمته } الفضل هو الرسالة والنبوة بوجه الرسالة والرحمة هى الولاية والنبوة بوجه الولاية، ولذا فسرا فى بعض الآيات بمحمد (ص) وعلى (ع) لاتحادهما معهما ولكون النبى والولى فى الخلق سببا لنزول رحمته وبركته عليهم ودفع العذاب عنهم { لكنتم من الخاسرين } المضيعين بضاعتكم لكن وجودهما فيكم سبب لتدارك خسرانكم وتوفيق توبتكم وانابتكم، والآيات كما مضى تعريض بالامة فكأنها خطاب لهم وتذكير لهم بمخالفتهم وتداركها بوجود محمد (ص) وعلى (ع) فيهم.
[2.65]
Halaman tidak diketahui